رأسك" ، ففعل ذلك ، من حيث حلّ هذا الفعل محلّ ذلك القول عند الدعوى ، وطلب التصديق. فكذلك القول فيما قدّمناه (ق ، غ ١٥ ، ١٦٨ ، ٢)
وجه القبح
ـ إنّ كون فاعل القبيح محدثا مربوبا لا تعلّق له بالفعل أصلا. أما ترى أنّ حصوله كذلك قبل الفعل وبعده ، ومساواة الجماد والموات له. وما هذه حاله لا يكون وجها لقبحه ، لأنّ وجه القبح هو الذي لا يحصل إلّا ويوجب قبح الفعل ، كقولنا في كون الكذب كذبا ، وكون الظلم ظلما. ولا فرق والحال هذه بين من قال بذلك ، وبين من قال إنّ كونه قبيحا هو لكونه جسما ، أو طويلا ، أو جوهرا ، أو محلّا. وبطلان ذلك يوجب بطلان ما قالوه (ق ، غ ٦ / ١ ، ٨٩ ، ٩)
وجه له يجب الفعل
ـ اعلم ، أنّا قد بيّنا أنّ الوجه الذي له يجب الفعل هو أن يتحرّز به عن مضرّة مخوّفة. وقد بيّنا أنّه لا يجب أن نقطع على المضرّة ، وأنّه لا فرق بين أن نعلمها أو نظنّها ، بل الذي يعرفه العقلاء بالعادات المضارّ المظنونة ، لأنّهم يعلمون الأمور المستقبلة ؛ وإنّما نعلم بالتأمّل أنّه لو علم ذلك ، لكان الفعل بالإيجاب أحقّ. فكذلك ما يجب أن يتحرّز به ، لا يجب أن يقطع على أنّ التحرّز يقع به لا محالة ، بل متى ظنّ ذلك حلّ محل العلم بأنّه يأمن به من المضرّة ، ووجوبه في الحالين لا يختلف (ق ، غ ١٢ ، ٣٥٨ ، ٤)
وجه له يجب النظر والمعرفة
ـ إذا كان الخاطر من قبله تعالى ، فلا بدّ من وروده على وجه تقتضيه الحكمة ، لأنّه ميّزه عن فعل القبيح ، فلا بدّ من أن يفيد الوجه الذي له يجب النظر والمعرفة. لأنّه تعالى كما لا يجوز أن يوجب ما لا وجه له يقتضي وجوبه ، فكذلك لا يجوز أن يوجب الفعل لوجه لا يجب لأجله ؛ لأنّ ذلك أجمع بمنزلة إيجاب ما ليس بواجب من القبيح وغيره. فليس يخلو الخاطر من أن يرد بإيجابهما فقط أو يرد بذلك وبذكر الوجه الذي له يجبان ، لأنّه لا يجوز أن يرد بذكر وجه لا يجبان لأجله ، لما ذكرناه من قبح ذلك. وقد علمنا أنّ إيجاب الفعل من غير بيان وجه وجوبه ، إمّا بالتعريف وإمّا بنصب الدلالة ، يقبح في عقول العقلاء. لأنّ أحدنا لو أوجب على غيره القعود أو القيام من غير أن يبيّن الواجب في ذلك ، لقبح ذلك منه ، حتى إذا قرن بذلك الوجه الذي له يجب حسن ذلك منه. فلو قال له : يجب ألا تأكل الطعام الذي لا تملكه ، لقبح ذلك منه. وإن قرن إلى ذلك بأنّه مسموم أو أنّ هناك مضرّة توفي على النفع الذي فيه ، لحسن ذلك منه. فإذا ثبت ذلك ، فالواجب في الحكمة أن يخطر ببال المكلّف الوجه الذي له يجب النظر والمعرفة ، وإلّا كان الإخطار قبيحا (ق ، غ ١٢ ، ٤٢٨ ، ١٢)
وجه له يحسن منه تعالى إرادة الخلق
ـ في الوجه الذي له يحسن منه إرادة الخلق : قد بيّنا أنّ إرادته لاختراع الخلق إنّما حسنت ؛ لأنّها إرادة لخلقهم لينفعهم ، أو إرادة لخلق ما ينفع به ، أو إرادة لخلق الشيء للأمرين جميعا. وبيّنا أنّ فعله لما خلقه لينفعه قد يكون على