يقول إنّه توسّع ،
لأنّه في الحقيقة جملة من الأجزاء. وإنّما قيل إنسان واحد بمعنى أنّه جملة واحدة ،
كما قيل ذلك في العشرة إنّها عشرة واحدة. والذي قاله شيخنا أبو هاشم في ذلك أنّ
وصفهم للإنسان بأنّه إنسان واحد حقيقة ، لأنّه ، من حيث كان إنسانا ، وجب أن لا
يتجزّأ ولا يتبعّض. ألا ترى أنّ هذا الاسم لا يقع على بعضه فحلّ في الوجه الذي صار
إنسانا محلّ الواحد في الحقيقة الذي لا بعض له. وعلى كلا الوجهين يجب وصفه تعالى
بأنّه واحد على الوجه الذي ذكرناه (ق ، غ ٥ ، ٢٤٤ ، ١٣)
ـ قال شيخنا أبو
هاشم : إن وصف المنفرد بالصفة بأنّه واحد فيه حقيقة ، ولذلك يقال في سيّد القوم
إنّه واحدهم إذا انفرد بصفات اختصّ بها دونهم (ق ، غ ٥ ، ٢٤٥ ، ٦)
ـ الباري سبحانه
وتعالى واحد ، والواحد في اصطلاح الأصوليين الشيء الذي لا ينقسم ، ولو قيل الواحد
هو الشيء لوقع الاكتفاء بذلك. والربّ سبحانه وتعالى موجود فرد ، متقدّس عن قبول
التبعيض والانقسام. وقد يراد بتسميته واحدا أنّه لا مثل له ولا نظير (ج ، ش ، ٦٩ ،
٣)
ـ ندّعي أنّ الله
تعالى واحد ، فإنّ كونه واحدا يرجع إلى ثبوت ذاته ، ونفي غيره. فليس هو نظرا في
صفة زائدة على الذات ، فوجب ذكره في هذا القطب ؛ فنقول الواحد قد يطلب ويراد به ،
أنّه لا يقبل القسمة أي لا كمّية له ، ولا حدّ ، ولا مقدار ، والباري تعالى واحد
بمعنى أنّه لا الكميّة له بمعنى سلب الكمّية المصحّحة للقسمة عنه. فإنّه غير قابل
للانقسام إذ الانقسام فيما له كمّية (غ ، ق ، ٧٣ ، ١٠)
ـ قال أصحابنا
الواحد هو الشيء الذي لا يصحّ انقسامه إذ لا تقبل ذاته القسمة بوجه ولا تقبل
الشركة بوجه ، فالباري تعالى واحد في ذاته لا قسم له ، وواحد في صفاته لا شبيه له
، وواحد في أفعاله لا شريك له ، وقد أقمنا الدلالة على انفراده بأفعاله ، فلنقم
الدلالة على انفراده بذاته وصفاته (ش ، ن ، ٩٠ ، ٥)
ـ البصريّة :
ومعنى كونه واحدا أنّه غير مشارك في صفاته. وقيل : أو في الإلهيّة. وقيل : أو لا
يتجزّأ (م ، ق ، ٨٤ ، ١٤)
واحد مطلق
ـ إنّ الواحد
المطلق على الحقيقة هو الذي ليس كثيرا ، هذا ما لا شكّ فيه عند كل ذي حسّ سليم ،
وكل ما كان له أبعاض فهو كثير بلا شكّ ، فهو إذا بالضرورة ليس واحدا ، فالواحد
ضرورة هو الذي لا أبعاض له ، فإذ لا شكّ فيه فالواحد الذي لا أبعاض له تساويه ليس
عددا وهو الذي أردنا أن نبيّن ، وأيضا فإنّ الحسّ وضرورة العقل يشهدان بوجود
الواحد ، إذ لو لم يكن الواحد موجودا لم يقدر على عدد أصلا ، إذ الواحد مبدأ العدد
، والمعدود الذي لا يوصل إلى عدد ولا معدود إلّا بعد وجوده ، ولو لم يوجد الواحد
لما وجد في العالم عدد ولا معدود أصلا (ح ، ف ١ ، ٦٤ ، ١٠)
واحدية
ـ أمّا الأحديّة
والواحدية فإنّ الأحديّة صفة الذات والواحديّة صفة الفعل ، فيقال أحد بذاته وواحد
بفعاله ، ثم أحديّته ووحدانيّته ليست من جهة العدد محتملة بالزيادة والنقصان
والشركة والمثال ، فيقال العدد أحد وآحاد وواحد