هدى ، [و] من لم
يهتد فبسوء اختياره غوى (ع ، أ ، ٢٤ ، ٩)
ـ إنّه تعالى وصف
الكتاب بأنّه هدى للمتّقين ، ولا شبهة في أنّ الكتاب ليس بإيمان ، لأنّ الإيمان هو
فعل المؤمن ، والكتاب كلامه تعالى ، فلا بدّ من أن يرجع إلى أنّ المراد به أنّ
الكتاب دلالة وبيان (ق ، م ١ ، ٤٨ ، ٩)
ـ اعلم أنّ الهدى
قد اختلف فيه العلماء ، فمنهم من يقول : إنّ حقيقته الفوز والنجاة ، وبيّن أنّ
سائر ما يستعمل فيه إنّما يوصف به ؛ لأنّه متعلّق بذلك وطريق إليه ، فقيل في
القرآن هدى ، وفي الأدلّة وفي الإيمان وغير ذلك ، لما كان الإنسان يفوز بها وينجو
، ولذلك يقال فيمن دلّ على طريق ينفع : إنّه قد هدى إليه ، ولا يقال ذلك إذا عدل
به إلى طريق يضرّ. ومنهم من قال : إنّ الهدى في الحقيقة هو الدلالة والبيان ،
وإنّما يوصف الفوز بالمنفعة والنجاة (بالهدى) ، لأنّهما يوصلان إليها. ويتأوّل
سائر ما تستعمل فيه هذه اللفظة على أنّ المراد به ما يتّصل بذلك. ولم يذكر أحد من
أهل العلم أنّ الهدى في الحقيقة : هو نفس الطاعة والإيمان ، إلّا من جعله مذهبا!
فأمّا أن تكون اللغة شاهدة لذلك ، أو القرآن ، فبعيد. ونحن نبيّن ما في القرآن من الشواهد
في قولنا ، ونذكر ما يجوز عليه وما لا يجوز (ق ، م ١ ، ٦٠ ، ٤)
ـ اعلم أنّ الهدى
بمعنى الدلالة كثير في الكتاب ، قال الله تعالى في وصف القرآن : (هُدىً لِلنَّاسِ) (البقرة : ١٨٥) (وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ) (يوسف : ١١١ ؛
النحل : ٦٤) ولا يجوز أن يراد بذلك إلّا كونه دلالة وبيانا (ق ، م ١ ، ٦١ ، ٢)
ـ قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) (البقرة : ٥) يدلّ
على أنّه البيان ؛ لأنّ حمله على غيره لا يصحّ ، وقال تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) (الإنسان : ٣)
يعني : الطريق. ولا يجوز أن يرد بذلك إلّا الدليل (ق ، م ١ ، ٦١ ، ٦)
ـ قد ذكر عزوجل الهدى بمعنى زيادة الهدى ، فقال : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا
هُدىً) (مريم : ٧٦) وقال
: (وَزِدْناهُمْ هُدىً
وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) (الكهف : ١٣ ـ ١٤)
وقال : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ
أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (الأنعام : ١٢٥)
والمراد بذلك أجمع : ما يفعله الله تعالى من الألطاف والتأييد ، والخواطر ،
والدواعي. وإنّما يوصف ذلك بأنّه هدى لأنّه يحلّ محلّ الأدلّة في أنّه كالطريق
لفعل الطاعة والباعث عليه (ق ، م ١ ، ٦٢ ، ١٤)
ـ قد يراد بالهدى
أن يسلك به طريق الجنّة والمنفعة ، وهو الذي أراده تعالى بقوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة : ٦) على
أحد التأويلين (ق ، م ١ ، ٦٣ ، ٧)
ـ إنّ الهدى قد
يكون بمعنى الثواب (ق ، م ٢ ، ٦١٦ ، ٣)
ـ إنّ الهدى في
اللغة العربية من الأسماء المشتركة وهي التي يقع الاسم منها على مسمّيين مختلفين
بنوعهما : فصاعدا فالهدى يكون بمعنى الدلالة ، تقول هديت فلانا الطريق بمعنى أريته
إيّاه ووقفته عليه وأعلمته إيّاه سواء سلكه أو تركه ، وتقول فلان هاد بالطريق أي
دليل فيه ، فهذا الهدى الذي هداه الله ثمود وجميع الجنّ والمعاصي وعرفهم ما يسخط
مما يرضي فهذا معنى ، ويكون الهدى بمعنى التوفيق والعون على الخير والتيسير له
وخلقه لقبول الخير في النفوس ، فهذا هو الذي أعطاه الله عزّ