زائدة على حسنه ، وأمّا أن لا يكون كذلك. فالأوّل هو الذي يستحقّ عليه المدح ، والثاني هو الذي لا يستحقّ بفعله المدح ويسمّى مباحا ، وحدّه : ما عرف فاعله حسنه أو دلّ عليه ، ولهذا لا توصف أفعال القديم تعالى بالمباح ، وإن وجد فيها ما صورته صورة المباح كالعقاب. وأمّا ما يستحقّ عليه المدح فعلى قسمين : إمّا أن يستحقّ بفعله المدح ولا يستحقّ الذمّ بأن لا يفعل ، وذلك كالنوافل وغيرها ؛ وإمّا أن يستحقّ المدح بفعله والذمّ بأن لا يفعل ، وذلك كالواجبات (ق ، ش ، ٣٢٧ ، ٦)
ـ قد يدخل في اللطف النوافل ، لا لأنّ عندها يختار الواجب لا محالة ، لكن لأنّه يكون أقرب إلى ذلك ، فتكون مقوّية لدواعيه ، ومسهّلة سبيل الإقدام عليه ، فلا يمتنع أن يقال فيما يرد من الخاطر : إنّه لطف ، ويقال في هذا الوجه أيضا إنّه لطف ، لأنّهما ينبعثان من حيث ذكرنا اللطف الذي بيّناه أولا. فلا تخرج الألطاف عن هذه الوجوه الثابتة فيه. وليس الغرض العبارات. فإذا ثبت من جهة المعنى أن حالها سواء ، فقد ثبت ما أردناه (ق ، م ٢ ، ٧٢٢ ، ٩)
ـ إنّ النوافل إنّما يحسن تكليفها على طريق التبع للواجبات بدلالة أنّ وجه الحسن في تكليفها هو تسهيلها للواجبات ، سواء قيل إنّها تسهّل واجبات العقل أو جعلت نوافل مسهّلة لواجبات الشرع ، على اختلاف بين مشايخنا فيه (ق ، ت ٢ ، ٢١٥ ، ١٣)
ـ واصل وعمرو بن عبيد وأبو الهذيل وقاضي القضاة وبشر : والنوافل من الإيمان. أبو علي وأبو هاشم : لا ، إلّا الواجب. لنا : هي من الدين ، فكانت من الإيمان (م ، ق ، ١٣٣ ، ١٥)
نوافل شرعية
ـ المحسّنات العقليّة هي على ضربين : أحدهما (ما) لا صفة له زائدة على حسنه ، وهو الذي يسمّى مباحا ، من حيث عرف فاعله أنّه لا مضرّة عليه في فعله ، ولا في ألّا يفعل ، ولا يستحقّ به المدح ، وما هذا حاله لا مدخل له في التكليف ، كما لا مدخل له فيه الواقع من الساهي ، وعلى حدّ الإلجاء. والضرب الثاني : ما يختصّ بصفة زائدة على حسنه ، تقتضي دخوله في أن يستحقّ به المدح. وهذا على ضربين : أحدهما يحصل كذلك لصفة تخصّه ، والآخر لأنّه يسهّل فعل غيره من الواجبات ، فالأوّل كالإحسان والتفضّل ، واجتلاب المنفعة لنفسه ، والثاني كالنوافل الشرعيّة ، ويدخل فيه النهي عن المنكر من جهة العقل ، ويدخل فيه مدح من فعل الواجب ، لأنّ ذلك مما لا يجب على أهل العقول ، كما يلزمهم الفصل بين المحسن والمسيء ، لأنّ هناك إنّما وجب الفصل لأمر يتعلّق به ، وليس كذلك حال الوجه الأوّل (ق ، غ ١٤ ، ١٧١ ، ١٣)
ـ قال شيخنا" أبو هاشم" ، رحمهالله ، إنّه لا بدّ ، في النوافل الشرعيّة ، من أن تكون لها ما يجري مجرى النظير في الواجبات حتى تكون مسهّلة له فيحسن التعبّد بها. وبيّن استمرار ذلك في سائر النوافل ، وبيّن أنّ ما ليس له نظير واجب بالنظر والإيجاب ، أو بالدخول في الفعل وبيّن ، في كثير من النوافل ، أنّه لا يجوز أن يقال ذلك في جميعها ؛ وإنّما يقال في أوائلها ؛ لأنّ من يدخل في الصلاة بالدخول قد لزمه إتمامها ، كما أنّه ، بدخوله في الحجّ ، لزمه ذلك. والذي يحصل نفلا هو الأول من الفعل وله نظائر واجبة دون الجميع. وبيّن اختلاف