الدافعة الحائلة
بين الناظر وبين العلم بما ينظر فيه وقع له العلم حينئذ بمنظوره لا محالة على
الوجه الذي يطلبه (أ ، م ، ٢٥٠ ، ٤)
ـ اعلم ، أنّ
الصحيح فيمن لزمته المعرفة أن يقبح منه الجهل ؛ وكما يستحقّ بفعلها الثواب ، فكذا
يستحقّ بفعل الجهل العقاب ؛ وكما يتناولها التكليف في باب الإقدام ، فكذا يتناوله
التكليف في باب الامتناع منه. وإن كان المكلّف مأمورا بها ، فهو منهيّ عن الجهل.
والأمر في هذا الباب أجمع ، على ما ذكره السائل. لكنّه ظنّ أنّه إذا لم يمكنه أن
يعرف الجهل جهلا قبل وقوعه ، لم يصحّ أن يلزمه تركه بفعل المعرفة. وليس الأمر كما
قدّر ، لأنّه إذا عرف طريق المعرفة وهو النظر المخصوص الذي من بيانه أن يولّدها ،
صحّ منه إيجادها بإيجاده. وإيجادها على هذا الوجه ، هو ترك للجهل ، لأنّ من حقّه
أن يضادّها ، وترك الشيء هو ضدّه على بعض الوجوه. فقد ثبت إذن أنّه يصحّ منه أن
يترك الجهل بالمعرفة. فإن قيل : فيجب أن يصحّ منه ترك المعرفة بالجهل أيضا ، ليصحّ
أن يكلّف المعرفة. قيل له : وذلك أيضا صحيح منه ، لأنّه يصحّ منه أن يبتدئ فعل
الاعتقاد والذي هو جهل ، فيكون بفعله تاركا للاعتقاد الذي هو من جنس المعرفة. ولا
يقال : إنّه ترك به المعرفة ، لأنّ من حقّها أن تقع متولّدة. والمباشر لا يكون
تركا للمتولّد ، من حيث يجب وجوده بوجوب سببه. ومن حق الترك والمتروك أن يصحّ من
القادر ، في كل واحد منهما ، أن يبتدئه وأن يبتدئ ضدّه. لكنّا وإن لم نطلق هذا
القول ، فمن جهة المعنى لا نمتنع من أن نقول بأنّه قد ترك بها الجهل ما يضادّه من
المعرفة (ق ، غ ١٢ ، ٢٨٠ ، ١٢)
نظر معيّن
ـ أمّا النظر
المعيّن. فإنّما يحسن بعلم حسنه بعلم مكتسب ، بأن يعلم أنّه بهذه الصفة المخصوصة.
ويجوز أن يقال إذا علم باضطرار ، أنّه يخاف على تركه ضررا. وتقدّم له علم جمله
بأنّ كل نظر هذا سبيله كان واجبا. فإنّه يعلم عند ذلك حسنه ووجوبه باضطرار. لأنّه
لا يمكنه نفي هذا العلم الثالث عن نفسه ، مع استناده إلى العلمين الضروريّين (ن ،
م ، ٣٤٦ ، ١٠)
نظر مقرون بالقلب
ـ أمّا معنى النظر
المقرون بالقلب فهو الفكرة والتأمّل لحال المنظور فيه بردّ غيره إليه ليعلم
موافقته له في الحكم من مخالفته. ولذلك شروط ورسوم من استوفاها على حدّه وحكمه بان
له وجه ما نظر فيه بصحّة أو فساد على الوجه الذي يرومه ويطلبه ، إذا تعرّى من
الآفات ومن الدواعي إلى خلافه وعاضده اللطف والتوفيق من الله عزوجل (أ ، م ، ٣١ ، ٢٠)
نظر موصل إلى
المعارف
ـ النظر الموصل
إلى المعارف واجب ، ومدرك وجوبه الشرع ، وجملة أحكام التكليف متلقاة من الأدلّة
السمعيّة والقضايا الشرعيّة (ج ، ش ، ٢٩ ، ١٤)
نظر هو سبب
المعرفة
ـ إذا لم يعرف (المكلّف)
سبب المعرفة بعينه ، لم يكن له إلى إيجاده على الوجه الذي يقتضيه التكليف سبيل ،
وإنّما توجد المعرفة بإيجاده فلا يكون له إلى فعلهما معا سبيل ، فيقبح منه تعالى