العلم بكونه مولّدا في حال ما يولّد ، لأنّه إذا صحّ وجوده ولا يولّد فمن أين أنّه في الحال الأخرى هو المولّد دون أن يكون حادثا من مختار ، وذلك في بابه بمنزلة العلل التي لو صحّ وجودها ، ولا يوجب المعلول لم يصحّ كونها علّة. والجهة التي منها شبّهنا المولّد بالعلّة صحيحة وإن افترقا في أنّ تلك العلّة موجبة وهذا بخلافها ، لأنّه وإن لم يكن موجبا إيجاب العلل فمتى جوّزنا والمحل محتمل والموانع زائلة ألّا يقع المسبب لم يصحّ أن يثبت له به تعلّق ولا اختصاص حتى يقال إنّه يولّد في حال أخرى ، كما لو جوّزنا وجود العلّة ولا معلول على بعض الوجود لم نعلم له بالمعلول تعلّقا ، وعلى هذه الطريقة شبّه شيوخنا رحمهمالله الدلالة بالعلّة وإن افترقا في الإيجاب لما علم من حال الدلالة أنّها لو وجدت على بعض الوجوه ولا مدلول لنقض كونها دلالة ، كما أنّ وجود العلّة إلّا معلول يمنع من كونها علّة ، فغير ممتنع أن يشبّه المولّد بالعلل والأدلّة من الوجه الذي قدّمناه (ق ، غ ٩ ، ١٣٤ ، ٢١)
ـ متى حدث الشيء عقيب غيره وبحسبه ، وجب كونه مولّدا له. فأمّا ما لا يختصّ بالحدوث ، من الأحوال المتجدّدة ، فإنّ ذلك يستحيل فيها. وبعد ، فإنّ الإدراك لو ثبت معنى ، لم يجب فيه ما ذكرناه. لأنّ العلم لا يقع عنده على طريقة واحدة ، مع ارتفاع الموانع. ألا ترى أنّ الطفل قد يدرك ما لا يعلم ، وقلبه يحتمل العلم؟ وقد يدرك العاقل ما لا يعلمه ، لحصول لبس ، وإن كان القلب محتملا للعلم ، والمنع زائلا. لأنّ اللبس لا يصحّ أن يكون مانعا من وجود العلم بالمدرك (ق ، غ ١٢ ، ٧٨ ، ٢)
ـ إنّ المولّد قد يولّد الشيء في حالة وقد يولّده في ثانية ؛ لأنّ الاعتماد يولّد الأكوان في ثاني حالة. وقد بيّنا ذلك في كتاب الاعتماد. فإذا صحّ ذلك لم يمتنع ، في النظر ، أن يكون مولّدا للعلم ، وإن ولّده في ثانية. ولا يجب ، إذا لم يناف العلم النظر أن يولّده في الحال (ق ، غ ١٢ ، ٨٧ ، ٨)
ـ إن قيل : لم تدلّوا على بطلان التولّد ، ولكن أنكرتم فهمه ، وهو مفهوم ، فإنّا لا نريد به ترشّح الحركة من الحركة بخروجها من جوفها ، ولا تولّد برودة من برودة الثلج بخروج البرودة من الثلج ، وانتقالها ، أو بخروجها من ذات البرودة ، بل نعني به وجود موجود عقيب موجود ، وكونه موجودا ، وحادثا به ، فالحادث نسمّيه متولّدا ، والذي به الحدوث نسمّيه مولّدا ، وهذه التسمية مفهومة (غ ، ق ، ٩٨ ، ٨)
ميزان
ـ في الميزان : فقال أهل الحقّ : له لسان وكفّتان توزن في إحدى كفّتيه الحسنات وفي الأخرى السّيئات ، فمن رجحت حسناته دخل الجنّة ، ومن رجحت سيّئاته دخل النار ، ومن تساوت حسناته وسيّئاته تفضّل الله عليه فأدخله الجنّة (ش ، ق ، ٤٧٢ ، ٨)
ـ قال أهل البدع بإبطال الميزان وقالوا : موازين وليس بمعنى كفّات وألسن ولكنّها المجازاة ، يجازيهم الله بأعمالهم وزنا بوزن ، وأنكروا الميزان وقالوا : يستحيل وزن الأعراض لأنّ الأعراض لا ثقل لها ولا خفّة (ش ، ق ، ٤٧٢ ، ١٣)
ـ قال قائلون بإثبات الميزان وأحالوا أن توزن الأعراض في كفّتين ، ولكن إذا كانت حسنات الإنسان أعظم من سيّئاته رجحت إحدى