يحيل الصفة
المقتضاة عن صفة الذات وعليها يقف التعلّق ، فقد اعترف بما أردناه لأنّه قد صار
العدم مانعا من التعلّق بواسطة وإن لم يكن بنفسه مانعا. وإنّما نعلم ثبوت صفة
الوجود للقدرة وغيرها من الذوات على حدّ التفصيل فثبت لنا أنّ العدم الطارئ يحيل
التعلّق الذي يتبع الوجود بأن نقول : قد ثبت إنّ الفاعل يؤثّر في حصول القدرة ولا
صفة تتعلّق بالفاعل إلّا صفة الوجود. فيجب ثبوت هذه الصفة له على التفصيل (ق ، ت ١
، ١٣٣ ، ١٣)
ـ إذا عدمت القدرة
استحال الفعل بها لخروجها عن التعلّق ولخروجها عن أن توجب الصفة للقادر ، فبطل ما
ظنّه الخصم. وليس يلزمنا إذا جعلنا العدم موجبا لزوال التعلّق أن يكون كل موجود
متعلّقا أو كل ما لا يتعلّق لا يكون موجودا ، لأنّ كل ذلك عكس. والطرد في هذا
الباب أنّ كل ما يتعلّق بغيره فلا بدّ من أن يكون موجودا. فهو كما يجعل من شرط
العلّة الموجبة الوجود ثم لا يجب في كل ما هو موجود أن يكون موجبا وفي كل ما ليس
بموجب أن لا يكون موجودا (ق ، ت ١ ، ١٣٤ ، ٢٤)
ـ ثبت أنّه لا بدّ
من تعلّق الإرادة عند الوجود دون العدم ، وكما يصحّ الاستدلال بكون قادرا على أنّه
موجود ، فكذلك بكل صفة حظّها هذا الحظ في التعلّق بالغير كنحو كونه عالما. وإذا
قيل في كونه حيّا أنّه يدلّ على ذلك فلأجل أنّه يدلّ على كونه مدركا ، ولكونه
مدركا تعلّق بما أدركه ، ولا يثبت التعلّق إلّا عند الوجود. فعلى هذا يصحّ
الاستدلال بكونه قادرا على أنّه حيّ. ثم بكونه حيّا على أنّه مدرك. ثم يستدلّ بذلك
على كونه موجودا ، إذ ليس يفتقر العلم بكونه حيّا ومدركا إلى العلم بأنّه موجود.
وعلى هذا يجب أن يصحّ الاستدلال بكونه مريدا على أنّه موجود ، لأنّ العلم بكونه
مريدا إنّما يقف على العلم بحكمته جلّ وعزّ ، وذلك ممكن من دون العلم بتفصيل صفة الوجود
فيه ، ولكنه تقدّم القول في كونه عالما وقادرا ، لأنّ القول فيهما أظهر وليس يحتاج
فيهما إلى واسطة كما يحتاج في كونه حيّا وكونه مدركا أو مريدا وكارها (ق ، ت ١ ،
١٣٥ ، ٧)
ـ إنّ المعدوم له
حكم يفارق الموجود ، حتى يثبت بين حكميهما من التنافي والتضادّ مما يثبت بين
المعدوم والوجود لو كان للمعدوم بكونه معدوما صفة. وذلك لأنّ من حكم المعدوم أن
يصحّ تعلّقه بالقادر ومن حكم الموجود أن يزول تعلّقه بالقادر. فقول من أجاز حدوثه
من جهتين يؤدّي إلى أن تكون الذات الواحدة من حيث حصلت لها إحدى الصفتين بالحدوث
لا تتعلّق بالقادر ، ومن حيث لم تحصل الصفة الأخرى يصحّ تعلّقه بالقادر ، حتى يكون
مقدوره من وجه غير مقدوره من وجه آخر. وكذلك فالموجود من حيث حصل موجودا يجب أن
يثبت فيه حظّ المنع والتضادّ ، ومن حيث كان معدوما لا يثبت له هذا الحظ ، فكان يجب
تردّده بين هذين الحكمين. وإلى هذا المعنى أشار في الكتاب حيث قال : ولو جاز ذلك
لجاز أيضا أن يضاده ضدّه من وجه دون وجه وفي ذلك نقض التضادّ (ق ، ت ١ ، ٣٧٢ ، ٢٣)
ـ يوصف تعالى
بأنّه موجود ، لأنّ المراد بذلك أنّه يختصّ بحال تصحّ عليه معه الأحكام التي تختصّ
الموجود من صحّة رؤيته أو تعلّقه بغيره أو حلوله أو كونه محلّا إلى ما شاكله. وقد
بيّنا