يكون اشتغال
الجهات كلها بالجواهر لأمر يرجع إلى ثبوت الملاء في العالم. فيكون مانعا من صحّة
إيجادنا للجواهر لما ثبت أنّ اجتماع الجواهر الكثيرة في الجهة الواحدة لا يصحّ. والثاني
أن يجعل عدم ما يحتاج الجسم في الوجود إليه مانعا من وجوده. ثم هذا قد يصحّ أن
يجعل الكون الذي لا يصحّ حدوثه منّا عند أوّل حال حدوث الجسم فيكون عدمه مانعا لنا
من صحّة وجود الجوهر من جهتنا. وقد يصحّ أن يجعل ذلك عدم البنية التي لا يكون
الجسم جسما إلّا معها من الطول والعرض والعمق. والذي يصحّ أن يجعل منعا في السبب
الذي هو واسطة بين القادر ومقدوره هو أن يقال : إنّ الاعتماد هو الذي يولّده وذلك
مما قد يعرض فيه منع فلا يوجد المسبّب لأجل المانع وهذا يكون على وجهين : أحدهما
أن يقال إنّه تتكافأ الاعتمادات وتتقابل فلا يتولّد عنها شيء. والثاني وهو الأشبه
أن يقال إنّ أحدنا لا يمكنه الفعل ببعض قدر جارحته دون بعض (ق ، ت ١ ، ٨٢ ، ٢١)
منع من الفعل
ـ كان (الأشعري)
يقول في المنع من الفعل إنّه هو ما ينفي الفعل وقدرته من العجز وهو ما يوجد في
محلّه بدلا منه. وكان ينكر قول من يقول إنّ ثقل الثقيل مانع للحامل من حمله وقيد
المقيّد مانع له من مشيه ، لاختلاف محلّهما ، وإنّ ذلك إنّما يمنع لأجل وجود ضدّ
المشي والحمل في محلّ المشي والحمل ، لا لأجل الثقل والقيد. وكان يقول : "
العمى مانع من البصر في محلّه لا في محلّ غيره" ، وكذلك كان يقول في الحياة
والموت والسمع والصمم (أ ، م ، ٨٣ ، ٩)
منع من الكفر
ـ إنّ المنع من
الكفر يزيل التكليف أصلا ، وتقصّينا القول فيه ، وبيّنا أنّه إنّما يجب أن يكون
تعالى مانعا له من الكفر المنع الذي يصحّ معه التكليف ، وقد فعل تعالى ذلك النهي
والزجر والتخويف وفعل ما يجري مجرى الحمل له على الإيمان : من الأمر والتزيين
والتسهيل ، فصار بذلك مؤكّدا لما قلناه : من أنّه تعالى يجب أن يكون مريدا للإيمان
كارها للكفر (ق ، غ ١١ ، ١٩٠ ، ٩)
منعم
ـ أما المنعم ،
فهو فاعل النعمة ، كالمكرم والمجمل والمحسن ، فلا يزاد في تفسيره على هذا لأنّه
اسم مشتق من النعمة ، كما أنّ المكرم والمحسن مشتقّ من الإكرام والإحسان ،
والأسامي المشتقّة لا يرجع في بيان فائدتها إلّا إلى المشتق منه ، فلا يزاد في
تفسير الضارب على أنّه فاعل للضرب الذي اشتق منه ، وكذا القول في الشاتم والكاسر
وغيرهما من الأسامي المشتقّة (ق ، ش ، ٨٠ ، ١٢)
منفرد
ـ اعلم أنّ أبا
القاسم كان يقول بأنّ الجوهر يكون منفردا لعلّة. والمراد عندنا بالمنفرد أنّه لا
جوهر آخر بجنبه (ن ، م ، ٦١ ، ١٦)
منفعة
ـ إن قيل : قد
فسّرتم النعمة بالمنفعة ، فما معنى المنفعة؟ قيل له : معناه اللذّة والسرور أو ما
يؤدّي إليهما أو إلى أحدهما (ق ، ش ، ٨٠ ، ١)