المشي ، وإمّا أن يكون بالضدّ أو ما يجري مجراه. أمّا يكون بطريقة القيد ، فيجوز أن يحاول أحدنا تحريك جسم وغيره يحاول تسكينه ، فيحدث فيه من التسكينات ما يزيد على ما في مقدوره من الحركات ، فإنّه يكون والحال هذه ممنوعا من تحريكه بطريقة القيد. وأمّا المنع بما يجري مجرى الضدّ ، فهو كأن يمتنع على الكاتب الكتابة لفقد الآلة من القلم والقرطاس ، فعند هذه الأمور يكون القادر ممنوعا ، وعند ارتفاعها يكون مطلقا مخلّى (ق ، ش ، ٣٩٣ ، ١١)
ـ ليس خلوّ حال ما يصحّ أن يجعل منعا من أحد وجوه ثلاثة. فإمّا أن يكون راجعا إلى نفس القادر. وإمّا أن يكون راجعا إلى نفس الجوهر المقدور. وإمّا إلى الواسطة بينهما وهو السبب إذ ما خرج عن ذلك لا تعلّق له بهذا الباب (ق ، ت ١ ، ٨٢ ، ١٤)
ـ قد ذكرنا أنّه يعدّ في أحكام كونه قادرا لنفسه استحالة المنع عليه. والقول في ذلك بيّن لأنّه إذا صحّ كونه قادرا لنفسه وقادرا على ما لا يتناهى لم يتصوّر وقوع المنع فيه ، بل يجب في كل ما يقدر عليه صحّة ظهوره بالفعل. وبيان ذلك هو أنّ المنع لا يقع إلّا بكثرة الأفعال فيكون الفعل الذي يفعله المانع أكثر مما يفعله الممنوع ، وعلى هذا لا يتصوّر في المتساوي المقدور أن يمنع أحدهما صاحبه. وفي القادرين لأنفسهما أن يمنع كل واحد منهما صاحبه لأنّه لا قدر إلّا واحدهما يقدر على الزيادة فيه. وكذلك صاحبه فكيف يصير أحدهما ممنوعا والآخر مانعا؟ وبهذا يتوصّل إلى نفي ثان قادر لنفسه لأنّه يؤدّي إلى أن يتعذّر الفعل من دون منع أو وجه معقول. ويؤدّي إلى رفع ما عرفناه من صحّة أن يمنع أحد القادرين الآخر ، وإنّما يتصوّر وقوع التمانع بين القادرين بقدرة ، أو بين القادر لنفسه والقادر بقدرة ، وإن كان على كل حال يكون المانع هو القادر لنفسه دون القادر بقدرة. فإذا ثبتت هذه الجملة وكان القديم تعالى لكونه قادر لنفسه يقدر في كل وقت على أن يفعل أزيد مما فعل حتى لا يقدر فعله بقدر لا يمكنه الزيادة عليه تعذّر تصوّر المنع فيه ، فوجب أن يكون كل ما قدر عليه يصحّ منه إيجاده (ق ، ت ١ ، ١١٠ ، ١٧)
ـ إنّ المنع يفارق القدرة في التقدّم والمقارنة ، لأنّا نوجب في القدرة التقدّم ، والمنع إذا كان حكمه أن يضادّ ما هو منع منه فلا بدّ من المقارنة لتثبت المنافاة والممانعة. فأمّا العجز لو ثبت معنى لكان حكمه في التقدّم حكم القدرة. وفي المنع أيضا اختلاف بين الشيوخ. فإنّ أبا علي يجريه مجرى القدرة في وجوب التقدّم ، ولكن الصحيح في ذلك قول أبي هاشم (ق ، ت ٢ ، ٨٧ ، ١)
ـ اعلم أنّ شيوخنا اختلفوا في المنع. فأوجب أبو علي فيه أن يتقدّم كما أوجب مثله في القدرة. فعنده يصحّ أن يكون القادر في ابتداء وجود القدرة يوجد فيه المنع فيكون ممنوعا ، وإن كان لا يوجب وجود هذا المنع لا محالة ، بل يقول إنّه يصحّ وجوده ويصحّ أن لا يوجد ، ويصحّ وجود العجز بدلا من القدرة فيخرج عن هذه الأوصاف. فعلى مذهبه يجوز أن يكون القادر في ابتداء حال وجود القدرة ممنوعا ، فلما ذا يجب أن يكون فاعلا؟ (ق ، ت ٢ ، ١٣٤ ، ١٩)
ـ أمّا أبو هاشم فإنّه يرى أنّ المنع يجب أن يقارن حتى يصحّ وجود الفعل الممنوع منه بدله. وإنّما حكم ذلك لأنّ المنع هو الضدّ ، ولن يكون