مندوب
ـ أما الحسن ، فضربان : أحدهما إمّا أن لا يكون له صفة زائدة على حسنه تؤثّر في استحقاق المدح والثواب ، فيكون في معنى المباح ؛ وإمّا أن يكون له صفة زائدة على حسنه لها مدخل في استحقاق المدح. وهذا القسم إمّا أن لا يكون للإخلال به مدخل في استحقاق الذمّ ، وإمّا أن يكون له مدخل في استحقاق الذمّ. والأوّل في معنى الندب الذي ليس بواجب. وهو ضربان : أحدهما أن يكون نفعا موصلا إلى الغير على طريق الإحسان إليه ، فيوصف بأنّه فضل. والآخر لا يكون نفعا موصلا إلى الغير على طريق الإحسان ، بل يكون مقصورا على فاعله ؛ فيوصف بأنّه مندوب إليه ، ومرغوب فيه ، ولا يوصف بأنّه إحسان إلى الغير (ب ، م ، ٣٦٥ ، ٤)
مندوب إليه
ـ أما إذا اختصّ الحسن بصفة زائدة على حسنه ، استحقّ لمكانها المدح ، فلا يستحقّ بالإخلال به الذمّ ، فإنّه إذا فعله المكلّف وصف بأنّه" مندوب إليه" بمعنى أنّه قد بعث عليه. وهذا المعنى حاصل في" الواجب" أيضا. إلّا أنّ قولنا" مندوب إليه" في العرف ، أنّه قد بعث عليه من غير إيجاب (ب ، م ، ٣٦٧ ، ٩)
منزّل ومنزول
ـ أربعة أشياء هنا : منزّل ، ومنزّل ، ومنزول عليه ، ومنزول به. فالمنزّل هو الله تعالى لقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (الحجر : ٩) وقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) (النحل : ٤٤) والمنزّل على الوجه الذي بيّناه من كونه نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال كلام الله تعالى القديم الأزلى القديم بذاته ، لقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (الشعراء : ١٩٢). والمنزّل عليه قلب النبي صلىاللهعليهوسلم ، لقوله تعالى : (عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء : ١٩٤) والمنزول به هو اللغة العربية التي تلا بها جبريل ، ونحن نتلو بها إلى يوم القيامة ، لقوله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (الشعراء : ١٩٥) (ب ، ن ، ٩٧ ، ٤)
منزلة بين المنزلتين
ـ وجب أنّ صاحب الكبيرة ليس بمؤمن بزوال أحكام المؤمن عنه في كتاب الله ، ووجب أنّه ليس بكافر بزوال أحكام الكفّار عنه ، ووجب أنّه ليس بمنافق في زوال أحكام المنافقين عنه في سنّة رسول الله صلى الله عليه ، ووجب أنّه فاسق فاجر لإجماع الأمّة على تسميته بذلك وبتسمية الله له به في كتابه. فكيف يكون واصل ابن عطاء رحمهالله والمعتزلة قد خرجت من الإجماع بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين؟ وهل يكون قول أوضح صوابا ولا أصح معنى من قول المعتزلة بالمنزلة بين المنزلتين؟ ولو كان شيء من الدين يعلم صوابه باضطرار لعلم قول المعتزلة بالمنزلة بين المنزلتين باضطرار (خ ، ن ، ١١٩ ، ٢٢)
ـ الكلام في المنزلة بين المنزلتين : والأصل في ذلك ، أنّ هذه العبارة إنّما تستعمل في شيء بين شيئين ينجذب إلى كل واحد منهما بشبه ، هذا في أصل اللغة. وأمّا في اصطلاح المتكلّمين ، فهو العلم بأنّ لصاحب الكبيرة اسم بين الاسمين ، وحكم بين الحكمين ، على ما يجيء من بعد (ق ، ش ، ١٣٧ ، ٦)