بالمخلوقات ، وقال في أجناس الأعراض كالألوان والحركات والطعوم أنّه لم يزل عالما بألوان وحركات وطعوم وأجرى هذا القول في سائر أجناس الأعراض ، وكان يقول : المعلومات معلومات لله قبل كونها وأنّ المقدورات مقدورات قبل كونها وأنّ الأشياء أشياء قبل أن تكون وكذلك الجواهر جواهر قبل أن تكون وكذلك الأعراض أعراض قبل أن تكون والأفعال أفعال قبل أن تكون ، ويحيل أن تكون الأجسام أجساما قبل كونها والمخلوقات مخلوقات قبل أن تكون والمفعولات مفعولات قبل أن تكون ، وفعل الشيء عنده غيره وكذلك خلقه غيره ، وكان إذا قيل له : أتقول إنّ هذا الشيء الموجود هو الذي لم يكن موجودا؟ قال : لا أقول ذلك ، وإذا قيل له : أتقول أنّه غيره؟ قال : لا أقول ذلك (ش ، ق ، ١٥٩ ، ٦)
ـ كان يقول (ابن الراوندي) إنّ المعلومات معلومات لله قبل كونها [و] أنّ إثباتها معلومات لله قبل كونها رجوع إلى أنّ الله يعلمها قبل كونها ، وإثبات المعلوم معلوما لزيد قبل كونه رجوع إلى علم زيد به قبل كونه ، وأن المقدورات مقدورات لله قبل كونها على سبيل ما حكينا عنه أنّه قاله في المعلومات ، وكذلك كل ما تعلّق بغيره كالمأمور به إنّما هو مأمور به لوجود الأمر ، والمنهيّ عنه لوجود النهي كان منهيّا عنه ، وكذلك المراد لوجود إرادته كان مرادا فهو مراد قبل كونه ويرجع في ذلك إلى إثبات الإرادة قبل كونه ، وكذلك القول في المأمور والمنهيّ وسائر ما يتعلّق بغيره (ش ، ق ، ١٦٠ ، ٣)
ـ قال قائلون من البغداديين : نقول إنّ المعلومات معلومات قبل كونها ، وكذلك المقدورات مقدورات قبل كونها وكذلك الأشياء أشياء قبل كونها ومنعوا أن يقال أعراض (ش ، ق ، ١٦٠ ، ١٣)
ـ قال" جهم بن صفوان" : لمقدورات الله تعالى ومعلوماته غاية ونهاية ولأفعاله آخر وأنّ الجنّة والنار تفنيان ويفنى أهلهما حتى يكون الله سبحانه آخرا لا شيء معه كما كان أوّلا لا شيء معه (ش ، ق ، ١٦٤ ، ٣)
ـ قال أهل الإسلام جميعا : ليس للجنّة والنار آخر وأنّهما لا تزالان باقيتين وكذلك أهل الجنّة لا يزالون في الجنّة يتنعّمون وأهل النار لا يزالون في النار يعذّبون وليس لذلك آخر ولا لمعلوماته ومقدوراته غاية ولا نهاية (ش ، ق ، ١٦٤ ، ٨)
ـ إنّ المقدورات على ضربين : مبتدأ كالإرادة ، ومتولّد كالصوت. فالمبتدأ يجب أن تكون القدرة متقدّمة عليه بوقت ، ثم في الثاني يصحّ منه فعله. والمتولّد على ضربين : أحدهما يتراخى عن سببه كالإصابة مع الرمي ، والثاني لا يتراخى كالمجاورة مع التأليف. أمّا ما لا يتراخى عن سببه فإنّ حاله كحال المبتدأ ، والمتراخي عن سببه فإنّه لا يمنع أن تتقدّمه القدرة بأوقات ، وإن كان لا يجب أن يتقدّم سببه إلّا بوقت (ق ، ش ، ٣٩٠ ، ١٣)
ـ إنّما يقدر (الله) على ما يصحّ كونه مقدورا له ، ومقدور غيره لا يصحّ كونه مقدورا له. فتفارق المقدورات في هذا الوجه المعلومات ، لأنّه يصحّ كونها معلومة له فوجب أن تكون معلومة له. وليست العلّة في استحالة قدرته على أعيان المقدورات كونها مقدورة لغيره ، لأنه قد تستحيل قدرته على ما ليس بمقدور لغيره إذا صحّ كونه مقدورا له ، كما يستحيل أن يقدر