الشيء معلوما ، وبين كونه مقدورا ، وكيف لا وكونه معلوما أعمّ من كونه مقدورا ، فإنّ المعلوم قد يكون قديما وقد يكون حادثا وواجبا وجائزا ومستحيلا ، وكونه مقدورا ينحصر في كونه ممكنا جائزا ، ثم نسبة المعلوم إلى الذات من حيث هي ذات واحدة كنسبة المقدور من حيث هي ذات (ش ، ن ، ١٩٢ ، ٨)
ـ عند المتكلّمين العلم يتبع المعلوم ، وعندهم (الفلاسفة) المعلوم يتبع العلم والمقدور يتبع القدرة (ش ، ن ، ٢٠٩ ، ٢)
ـ إنّ فعل الفاعل لا يخرج الشيء عن حقيقته ، فلا يجوز أن يقلب الجوهر عرضا والعرض جوهرا ، فإنّ القدرة إنّما تتعلّق بما يمكن وجوده ، وهذا من المستحيل ، فنفي الاحتياج إلى محل في حق الجوهر لا يجوز أن يثبت بالقدرة ، كما أنّ إثبات الاحتياج إلى المحل في حق العرض لا يجوز أن يثبت بالقدرة ، وما ليس يمكن لا يكون مقدورا وما ليس بمقدور يستحيل أن يوجد (ش ، ن ، ٢١٦ ، ١٨)
ـ إنّ المقدور إمّا أن يكون ثابتا في العدم أو لا يكون ، فإن كان ثابتا لم يكن للقدرة فيه تأثير البتّة ، لأنّ إثبات الثابت محال ، وإذا كان كذلك استحال أن يكون مقدورا ، وإن لم يكن ثابتا كان ذلك اعترافا بأنّ المقدور غير ثابت ، وحينئذ لا يمكنهم الاستدلال بكونه مقدورا على كونه ثابتا ، وهذا هو الجواب عن قولهم (المعتزلة) المعدوم مراد وكل مراد ثابت (ف ، م ، ٥٠ ، ١٧)
ـ أما البلخيّ فقد زعم أنّ الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد ، لأنّ مقدور العبد إمّا طاعة أو سفه أو عبث ، وذلك على الله محال (ف ، م ، ١٣٣ ، ٢٧)
ـ أمّا أبو علي وأبو هاشم وأتباعهما فقد زعموا أنّ الله تعالى قادر على مثل مقدور العبد لكنّه غير قادر على نفس مقدوره ، لأنّ المقدور من شأنه أن يوجد عند توفره دواعي القادر ، وأن يبقى على العدم عند توفّر صارفه ، فلو كان مقدور العبد مقدورا لله تعالى لكان إذا أراد الله تعالى وقوعه وكره العبد وقوعه يلزم أن يوجد لتحقّق الداعي ، وأن لا يوجد لتحقّق الصارف وهو محال (ف ، م ، ١٣٤ ، ٤)
ـ زعم إمام الحرمين أنّ الله تعالى موجد للعبد القدرة والإرادة ثم هما يوجبان وجود المقدور ، وهو قول الفلاسفة ومن المعتزلة قول أبي الحسن البصريّ (ف ، م ، ١٤٦ ، ٨)
ـ الممكن صالح أن تتعلّق به القدرة ، من حيث هو كذلك. ولا معنى لكونه مقدورا غير هذا. وإطلاق اسم المقدور عليه بالنظر إلى العرف ، وإلى الوضع ـ باعتبار هذا المعنى ـ غير مستبعد. وإن كان وجوده ممتنعا باعتبار غيره. وأمّا إن أريد به أنّه غير مقدور ؛ بمعنى أنّه يلزم منه المحال باعتبار أمر خارج. أو أنّه لم تتعلّق به القدرة ، بمعنى أنّها لم تخصّصه بالوجود بالفعل ، فهو وإن كان مخالفا للإطلاق فلا مشاحة فيه ، إذ المنازعة فيه لا تكون إلّا في إطلاق اللفظ ، لا في نفس المعنى (م ، غ ، ٨٧ ، ١١)
ـ إنّ صحّة صدور المقدور من القادر لا يتوقّف على وجود المقدور ، ولا على صحّة وجوده مطلقا ، بل يتوقّف على صحّة وجود مقدوره لذاته. فإن امتنع وجود مقدوره لعائق أو فوات شرط لم يضرّ ذلك في صحّة المقدور منه (ط ، م ، ٢٦٦ ، ٢)