يذهب إليه من أنّ الاضطرار يثبت في كل ما يخلق في المرء سواء كان من جنس مقدوره أو لم يكن كذلك ، كما نقوله في اللون وغيره. فحينئذ يكون للخصم أن يقول إنّ الفرق ثابت من الوجه الذي بيّناه أوّلا وهو صحّة أن يفعل ذلك الفعل وأن لا يفعله دون المضطرّ الذي لا ينفكّ مما يخلق فيه (ق ، ت ٢ ، ٤٩ ، ١٨)
ـ أمّا المضطرّ ، فقد قال شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، في الأبواب : إنّ الضرورة ما يفعله القادر في غيره ، على وجه لا يمكنه الامتناع منه. ولذلك لا يقال : إنّ الطفل قد اضطرّ زيدا. وقال في نقض الفصوص وغيره : المضطرّ لا يكون مضطرّا إلى ما يفعله فيه من هو أقدر منه ، ويفعل أكثر من مقدوره. ولذلك يوصف المفلوج بأنّه مضطرّ ؛ ويخصّون بهذا الوصف الحيّ دون غيره. ولا يصفونه بذلك فيما لا يقدر عليه إذا فعله غيره كالألوان. قال : وذلك اصطلاح المتكلّمين ، وإلّا فعند أهل اللغة المضطرّ هو الملجأ. ولذلك قال تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (البقرة : ١٧٣). فإذا اشتدّ به الجوع لا يحصل فيه أكل الميتة من فعل غيره ، وإنّما يحصل ذلك من فعله. ولذلك كتب يحيى بن يعمر إلى الحجّاج : " إنّا اضطررنا العدو إلى عرعرة من الجبل". وإنّما خالف المتكلّمون أهل اللغة في ذلك ، لأنّهم لم يجدوا اسما لمن فعل فيه الشيء ، كما وجدوه لمن على الشيء. فجعلوا قولنا : مضطرّ ، موضوعا له. ونحن نختار ما عليه أهل اللغة ، لأنّ خلافه يوجب أنّ الأفعال كلها ضروريّات من حيث حلّت في محل ليس هو الفاعل ، وكان يجب أن يكون المحل هو المضطرّ حتى تكون يد الإنسان مضطرّة إلى الحركة ؛ وهذا بعيد (ق ، غ ٨ ، ١٦٦ ، ٢٢)
ـ إنّ الفاعل متوهّم منه ترك فعله وممكن ذلك منه ، وليس كذلك ما عرفه يقينا ببرهان لأنّه لا يتوهّم البتّة انصرافه عنه ولا يمكنه ذلك أصلا ، فصحّ أنّه مضطرّ إليها (ح ، ف ٣ ، ٢٤ ، ١٣)
مضطر مختار
ـ قد يكون المرء مضطرّا مختارا مكرها في حالة واحدة كإنسان في رجله أكلة لا دواء له إلّا بقطعها. فيأمر أعوانه مختارا لأمره إيّاهم بقطعها وبحسمها بالنار بعد القطع ، ويأمرهم بإمساكه وضبطه وأن لا يلتفتوا إلى صياحه ولا إلى أمره لهم بتركه إذا أحسّ الألم ، ويتوعّدهم على التقصير في ذلك بالضرب والنكال الشديد فيفعلون به ذلك ، فهو مختار لقطع رجله ، إذ لو كره ذلك كراهة تامة لم يكرهه أحد على ذلك ، وهو بلا شكّ كاره لقطعها مضطرّ إليه إذ لو وجد سبيلا بوجه من الوجوه دون الموت إلى ترك قطعها لم يقطعها ، وهو مجبر مكره بالضبط من أعوانه حتى يتمّ القطع والحسم ، إذ لو لم يضبطوه ويعسروه ويقهروه ويكرهوه ويجبروه لم يمكن من قطعها البتّة (ح ، ف ٣ ، ٥٣ ، ١٣)
مطاع
ـ إنّ الله ـ تعالى ـ مطاع فهو أمرناه. ـ وردّ : إن عنيتم نفوذ قدرته فصحيح ، وإلّا ، فيعود (خ ، ل ، ١٠١ ، ٢٠)
مطبوع
ـ هل المطبوع عند ثمامة إلّا الأجسام المعتملة المحدثة؟ (خ ، ن ، ٢٥ ، ٨)
ـ إنّ المطبوع على أفعاله عند أصحاب فعل الطباع هو الذي لا يكون منه إلّا جنس واحد