تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) (المائدة : ١١٠) وقوله : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (العنكبوت : ١٧). وقوله : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (المؤمنون : ١٤). وقول الشاعر : " ولا ثبط بأيدي الخالقين" إلى ما شاكل ذلك. فدلّ أنّهم استعملوه من التقدير المخصوص. وهذه فائدة وصفنا لله تعالى بأنّه خلق السماوات والأرض وخلق الموت والحياة. وقد كان لو لا ورود الشرع بالمنع من أن يطلق في غير الله أنّه خالق لكنّا نطلق في أفعالنا بأنّها مخلوقة. وفي أحدنا بأنّه خالقها إذا وقعت مقدّرة. ولكن السمع مانع من ذلك كما منع من إطلاق لفظ" الربّ" في غيره عزوجل ، وإن كان لفظه يقتضي المالك والسيد وعلى ما تقتضيه طريقة اللغة (ق ، ت ١ ، ٣٤٤ ، ١٣)
ـ " مشايخنا" وإن اتّفقوا في أنّ المخلوق هو المقدّر فقد اختلفوا في أنّ هذا التقدير هل هو معنى أم لا. فنفى" أبو علي" أن يكون معنى وأوجب أن يكون المراد به إيقاع الفعل على وجه مخصوص وهو الصحيح. وقال" أبو هاشم" : بل لا بدّ من معنى يشتقّ منه قولنا" مخلوق". ثم جعل ذلك المعنى إرادة ، ووصف أفعال الله تعالى من جهة اللغة بأنّها مخلوقة ما خلا الإرادة والكراهة ، ولكنّ السمع أوجب أن يوصف الكلّ بذلك فوصفها به. وقال الشيخ" أبو عبد الله" : بل التقدير الذي هو الخلق يرجع به إلى فكر ولو لا ورود السمع لكنا لا نجري على أفعال الله لفظ الخلق (ق ، ت ١ ، ٣٤٦ ، ١٠)
ـ إنّ كلامه تعالى محدث ، وأنّه فعله لمصالح العباد ، فإذا صحّ ذلك وثبت أنّه تعالى أحدثه مقدّرا ، لأنّه تعالى ممن يستحيل أن يفعل الشيء على سبيل السهو ، فلا بدّ من أن يكون قاصدا إليه وموجدا له ؛ على الوجه الذي تكون عليه مصلحة ودلالة. وإذا ثبت ذلك وجب أن يجري مجرى سائر أفعاله. وإذا كانت توصف بأنّها مخلوقة فكذلك القول في القرآن ؛ لأنّ الوجه الذي وصفت أفعاله أجمع بأنّها مخلوقة لأجله هو كونها واقعة على سبيل التقدير. والقرآن بهذه الصفة ، فيجب أن يوصف بأنّه مخلوق (ق ، غ ٧ ، ٢٠٨ ، ١٠)
ـ إنّ الساهي قد يعمل ويفعل ولا يوصف فعله بأنّه مخلوق ؛ ولأنّ أهل اللغة قد وصفوا مقدّر الأديم بأنّه خالق له ، والأديم بأنّه مخلوق ، وإن لم يكن معمولا ؛ لأنّه إنّما يحصل معمولا له إذا قدّره وقطّعه وعمله مزادة أو خفّا (ق ، غ ٧ ، ٢١٣ ، ١٠)
ـ يقول (أبو هاشم) في الخلق : إنّه ليس مخلوقا ، لأنّه ليس بمراد ؛ لأنّ الإرادة لا يجب أن تراد ، فلا يؤدّي ذلك إلى ما لا نهاية له. وإنّما أجاب بذلك لأنّ عنده المخلوق مخلوق يخلق كما أنّه مقدّر بتقدير ، والخلق عنده هو التقدير ، فلذلك أجاب بما قدّمناه (ق ، غ ٧ ، ٢٢٠ ، ١١)
ـ أمّا شيخنا أبو علي رضي الله عنه فإنّه يقول : إن وصفه (القرآن) بأنّه مخلوق ليس بمشتق من معنى ، وإنّما يفيد أنّه حدث مقدّرا من فاعله ، ويحيل كون الفاعل خالقا لفعل غيره وإن أراده وقدّره. وإنّما جعله خالقا لفعل نفسه. ويحيل كون الاثنين خالقين للشيء الواحد ، كما يحيل فعلا من فاعلين ، ويقول : إنّ قولهم : إنّ زيدا خلق الأديم مجاز ، والمراد به : خلق تقدير الأديم ؛ لأنّ تقديره للأديم هو فعل يحدثه فيه (ق ، غ ٧ ، ٢٢٠ ، ١٣)
ـ قال شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله : إنّما سمّي