لم يجب أن يكون مدركا بحاسّة ، كما أنّ أحدنا لا يمكنه الفعل إلّا بآلة لأمر يرجع إلى كونه قادرا بقدرة. فالقديم تعالى لمّا كان قادرا لذاته لم يجب أن يكون محتاجا إلى آلة (ن ، د ، ٥٦٤ ، ٧)
محسن
ـ ليس لأحد أن يقول ، يجب أن يفعل تعالى إرادة خلق ذلك الحيّ لينفعه ، وإلّا لم يحسن منه خلقه. ويستشهد على ذلك بما نقوله : من أنّ أوّل النعمة هو خلقه تعالى العبد حيّا لكي ينفعه. وذلك لأنّه تعالى إذا خلق الخلق مع الأمر الذي يتنعّم به في الحال ، ومع الشهوة التي معها يلتذّ ، فقد حصل منعما بمجرّد ذلك ، ولا يحتاج إلى القصد الذي سأل عنه ، وإنّما يشرط ذلك في كون الحيّ يخلقه ويبقيه ، فيصحّ أن يضرّه في المستقبل كما يصحّ أن ينفعه. فأمّا إذا بنى القول على ما قدّمناه فلا وجه لهذا الشرط. ولذلك قلنا : إنّ من أوصل إلى غيره نفعا مخصوصا فهو محسن ، وإن لم يقصد ذلك ، بل لو كان ساهيا عن ذلك لم يخرج الفعل من أن يكون حسنا ؛ لأنّ وجه حسنه لا يتعلّق بالقصد ولا الإرادة تؤثّر فيه ، فإذا صحّ ذلك وجب القضاء بأن خلقه تعالى الحيّ مع الشهوة يكون حسنا وإن لم يرد ما سأل عنه السائل. وثبت أن إرادته لإيجاد ذلك إنّما يجب وجودها من حيث (ما) ذكرناه ، لا لأنّها لو عدمت لم يكن الفعل حسنا (ق ، غ ١١ ، ٧٤ ، ٤)
محسّنات عقلية
ـ المحسّنات العقليّة هي على ضربين : أحدهما (ما) لا صفة له زائدة على حسنه ، وهو الذي يسمّى مباحا ، من حيث عرف فاعله أنّه لا مضرّة عليه في فعله ، ولا في ألّا يفعل ، ولا يستحقّ به المدح ، وما هذا حاله لا مدخل له في التكليف ، كما لا مدخل له فيه الواقع من الساهي ، وعلى حدّ الإلجاء. والضرب الثاني : ما يختصّ بصفة زائدة على حسنه ، تقتضي دخوله في أن يستحقّ به المدح. وهذا على ضربين : أحدهما يحصل كذلك لصفة تخصّه ، والآخر لأنّه يسهّل فعل غيره من الواجبات. فالأوّل كالإحسان والتفضّل ، واجتلاب المنفعة لنفسه ، والثاني كالنوافل الشرعيّة ، ويدخل فيه النهي عن المنكر من جهة العقل ، ويدخل فيه مدح من فعل الواجب ، لأنّ ذلك مما لا يجب على أهل العقول ، كما يلزمهم الفصل بين المحسن والمسيء ، لأنّ هناك إنّما وجب الفصل لأمر يتعلّق به ، وليس كذلك حال الوجه الأوّل (ق ، غ ١٤ ، ١٧١ ، ٥)
محظور
ـ نعرف الأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، فيما ليس بمحسوس دليله ، لا وجه لإدراكه إلّا بالخبر ، وذلك نحو المباح / والمحظور ، وما فيه كل شيء من مختلف الأحوال ، فيلزم في نحو هذا القول بالخبر ، وفيه إيجاب القول بالرسالة (م ، ح ، ١٨٣ ، ٢٠)
ـ محظور ، ويراد به أنّ حاظرا حظره ودلّ على ما على الفاعل فيه من المضرّة ، أو أعلمه ذلك من حاله. ولذلك لا يقال في فعل البهيمة والصبي بأنّه محظور ، لمّا لم يصحّ ذلك فيه. ولذلك تقول إنّه تعالى لو فعل الظّلم لكان قبيحا منه ، ولا نقول فيه أنّه كان محظورا عليه (ق ، غ ٦ / ١ ، ٢٨ ، ٩)