واختياره وتنتفي عنه كراهيته (ش ، ل ، ٩٣ ، ٣)
ـ الدليل على أنّ للعالم محدثا أنّه ثبت حدثه بما بيّنا ، وبما لا يوجد شيء منه في الشاهد يجتمع بنفسه ويفرّق ، ثبت أنّ ذلك كان بغيره (م ، ح ، ١٧ ، ٦)
ـ نقول بأنّ العالم محدث وأنّ له محدثا ، والدليل على هذا تغيّر الأشياء وتكوّنها من حال إلى حال ، من رطوبة إلى يبوسة ، ومن صحة إلى سقم ، ومن قوّة إلى ضعف ، ومن استواء إلى اعوجاج ، فلو كانت بنفسها لما تغيّرت عن حالها ، فلمّا تغيرت عن حالها دلّ أنّ لها مغيّرا ومحدثا (م ، ف ، ٢٥ ، ٨)
ـ المعقول من المحدث هو من يقع الفعل منه بحسب قصده ودواعيه وينتفي بحسب كراهته وصارفه ؛ وعندهم أنّ هذا المعنى يثبت في أحدنا ولا يكون محدثا ، وإذا كان ذلك كذلك فقد أخرجوه عن كونه معقولا فكيف يجوّزوه في الغائب. وعلى أنّا إذا علمنا بالدليل أنّ أحدنا محدث لتصرّفاته نقول : من قال : جوّزوا أن يكون في الغائب محدث أحدثها فيكم لا إنّكم أنتم المحدثون لها ، يجري مجرى أن يقال : جوّزوا خلاف ما علمتموه ، وذلك خلف من القول (ق ، ش ، ٣٤٠ ، ١٨)
محدث بإحداث
ـ اتّفقت الكراميّة على أنّ الباري ـ تعالى ـ محلّ للحوادث ، لكنّهم لم يجوّزوا قيام كل حادث بذاته ، بل ما يفتقر إليه من الإيجاد والخلق. ثم هؤلاء يختلفون في هذا الحادث ، فمنهم من قال قوله : كن. ومنهم من قال : هو الإرادة. وخلق الإرادة أو القول في ذاته يستند إلى القدرة القديمة لا أنّه حادث بإحداث ، وأمّا خلق سائر المخلوقات فإنّه مستند إلى الإرادة أو القول على نحو اختلافهم ، فالمخلوق القائم بذاته يعبّرون عنه بالحادث ، والمباين لذاته يعبّرون عنه بالمحدث. وقد أطبق هؤلاء على أنّ ما قام بذاته من الصفات الحادثة ، لا يتجدّد له منها اسم ، ولا يعود إليه منها حكم ، حتى لا يقال ، إنّه قائل بقول : ولا مريد بإرادة ، بل قائل بالقائليّة ، مريد بالمريديّة ، وهي المشيئة الأزليّة. فعلى هذا ما حدث وهو مباين لذاته يسمّى محدثا بإحداث. وما حدث في ذاته من الصفات تسمّى حادثة لا بإحداث ، بل بالمشيئة القديمة (م ، غ ، ١٨٠ ، ١٣)
محدث في الغائب
ـ إن قيل : ما أنكرتم أنّ هذه التصرّفات يخلقها الله تعالى فيكم مطابقا لقصودكم ودواعيكم بمجرى العادة ، لا أنّها متعلّقة بكم تعلّق الفعل بفاعله ، قيل له : إنّ كل اعتراض لا يثبت إلّا بعد ثبات ما اعترض به عليه فهو فاسد ، لأنّه إن صحّ ذلك المذهب المعترض عليه فالاعتراض عليه فاسد ، وإن لم يصحّ فالاعتراض لا يثبت أصلا ، وهذا الاعتراض من ذلك القبيل ، لأنّا ما لم نعلم المحدث في الشاهد ، لا يمكننا أن نعلم المحدث في الغائب ، فإنّ الطريق إلى إثبات المحدث في الغائب ، هو أنّ هذه التصرّفات محتاجة إلينا ومتعلّقة بنا في الاحتياج إلى محدث وفاعل ، وإنّما احتاجت إلينا لحدوثها ، فكل ما شاركها في الحدوث وجب أن يشاركها في الاحتياج إلى محدث وفاعل (ق ، ش ، ٣٤٠ ، ١٣)
محدث لا لعلّة
ـ إن قيل : ومن أين أنّ المحدث محدث لا لعلّة؟ قيل له : لأنّه لو كان كذلك لعلّة لم يخل حالها