إلى الحياة ، فلذلك فارقت الحركات وغيرها من أفعال الجوارح. وإذا صحّ ذلك في المباشر فتجب صحّته في المتولّد وإن كان يختصّ المتولّد بأنّه لا يحلّ بعضه ، فيصحّ لأجل ذلك وجوده مع فنائه لو صحّ في الأجسام فناء بعضها مع بقاء سائرها (ق ، غ ٩ ، ٦٥ ، ٦)
ـ إنّ الفعل لا يحتاج إلى كون فاعله موجودا إذا لم يكن حالّا في بعضه ، وإنّما يقتضي وجوده متى حلّ في بعضه لأنّ من حق المحل أن يكون موجودا ، وإنّما يحتاج الفعل إلى تقدّم كون فاعله قادرا ، فإن كان مباشرا متولّدا يقارن السبب وجب أن يتقدّم كونه قادرا قبله بوقت ، وإن كان متولّدا يتأخّر عن السبب وجب تقدّم كونه قادرا قبل وجود سببه الأول بوقت ، ومتى لم يكن الفعل حالّا في بعضه فوجوده كعدمه في أنّه لا يحل بصحّة الفعل (ق ، غ ٩ ، ٦٥ ، ١٥)
ـ إنّ المباشر لا يجوز أن يفعل القادر منه وقد عجز أو مات إلّا أقلّ قليل الفعل ، لأنّه يبتدئه بالقدرة في الثاني ، فإذا عجز لم يصحّ أن يفعل مثله في الثالث فلا يصحّ أن يوجد منه إلّا أقلّ الفعل ، هذا إذا كان ذلك الفعل مما لا يحتاج في وجوده إلى الحياة ، كأفعال القلوب. فأمّا إذا كان يحتاج إلى الحياة فإنّها مما لا يصحّ أن يفعلها وهو ميت ، وإن صحّ أن يفعلها وهو عاجز ، لأنها لا تحتاج في وجودها إلى القدرة كحاجتها إلى الحياة (ق ، غ ٩ ، ٦٥ ، ٢٢)
ـ اعلم أنّ الأصل في مقدور القادر أنّه يصحّ منه إيجاده لكونه قادرا عليه ، فإذا ثبت أنّه يحتاج إلى سبب في إيجاده حكم به وإلّا وجب استغناؤه عنه ، فما ثبت وجوب وجوده بحسب فعل له آخر حكم بأنّه متولّد ، وما امتنع ذلك فيه لم يصحّ وجوده إلّا مباشرا (ق ، غ ٩ ، ٨٠ ، ٥)
ـ قد ثبت أنّ ما حلّ في غير محلّ القدرة عليه لا يكون إلّا متولّدا لاستحالة حصول هذه الصفة للمباشر ، وصحّ أنّ ما حلّ محلّ القدرة عليه قد يكون متولّدا كالعلم والحركة ، وقد يكون مباشرا وبأن يجعله متولّدا من حيث اختصّ بحكم يحصل إلّا للمتولّد أولى بأن يجعله مباشرا لاختصاصه بحكم قد يحصل للمتولّد كما يحصل للمباشر (ق ، غ ٩ ، ١٢٩ ، ٩)
ـ إنّما نقول في المتولّد إنّه قد يحلّ محلّ القدرة عليه لا أنّ ذلك يجب فيه ، وإنّما يحلّ العلم المتولّد عن النظر في محلّ القدرة عليه لأنّ سببه لا جهة له ، فلا يجوز أن يولّد إلّا في محلّه. ومن حق العلم أن لا يوجد إلّا في محلّ واحد ، وما يولّده فينا الحجر عند تراجعه ومصادمته مكانا صلبا في محل القدرة ، فإنّما يولّده فيه من حيث حصل ذلك المحل مماسا لمحلّ القدرة ثانيا ، كما كان محل القدرة مماسا له أولا ومعتمدا عليه. فما أوجب كون الاعتماد الأول مولّدا فيه يوجب كون اعتماده مولّدا في محلّ قدرتنا. وليس كذلك حال التأليف لأنّه لم يحصل له من حيث وجد في محلّ القدرة حال توجب كونه متولّدا ، وحلوله في غير محل القدرة على ما بيّناه لا يمنع من كونه مباشرا لما قدّمناه ، فكيف يقال فيه أنه من حيث وجد في غير محلّ القدرة يجب أن يكون متولّدا؟ فأما ما سوى هذين الضربين فيجب ألا يكون من فعلنا إلّا مباشرا ، ولذلك يصحّ منّا أن نبتدئ فنفعل الإرادة والكراهة والاعتقاد من غير أن نفعل قبلها أو معها غيرها. والمتولّد يستحيل ذلك فيه لوجوب تعلّقه بالسبب ، فيجب في كل فعل يصحّ فيه ما ذكرناه أن يكون مباشرا. والذي يلتبس الحال فيه هو كل فعل لا يوجد إلّا مع