أقرب (ق ، غ ١٣ ، ٢٣ ، ٥)
ـ اعلم أنّ اللطف ينقسم إلى وجوه ثلاثة : أحدها ما يكون من فعله تعالى ، والثاني ما يكون من فعل المكلّف الذي اللطف له. والثالث ما يكون من غير فعل الله تعالى وغير فعل المكلّف. فأما الذي يكون من فعله سبحانه : فإن كان مفعولا مع تكليف الفعل الذي هو لطف فيه ، فإنّه لا يكون واجبا ولا يوصف بذلك. وما يفعله تعالى بعد حال تكليف الفعل الذي هو لطف فيه ، فإنّه واجب فعله عليه تعالى. وكذلك القول في التمكين ووجوبه ، فاعتبرهما اعتبارا واحدا (ق ، غ ١٣ ، ٢٧ ، ٤)
ـ أمّا ما يكون لطفا من فعل غيره سبحانه وغير المكلّف ، فمن حقه أن يكون المعلوم من حاله أنّه يقع ويحدث على الوجه الذي هو لطف ، وفي الوقت الذي هو لطف ، فيحسن لأجل ذلك أن يكلّف تعالى الفعل الذي هو لطف فيه. ومتى لم يكن هذا حاله صحّ التكليف. هذا إذا لم يكن له بدل من فعله تعالى يسدّ مسدّه. فلا يمتنع أن يكلّف تعالى ويلطف بفعله ، وتكون الشروط فيه ما قدّمناه (ق ، غ ١٣ ، ٣٠ ، ٦)
ـ أمّا ما يكون من ذلك لطفا من فعل نفس المكلّف ؛ فمن حقه إذا كان لطفا في واجب أن يكون بمنزلته في الوجوب ؛ وإن كان لطفا في النفل فهو بمنزلته (ق ، غ ١٣ ، ٣٠ ، ١١)
ـ إنّ اللطف متى وصف بأنّه قبيح فقد تناقض القول فيه ، فمحال كونه لطفا قبيحا (ق ، غ ١٣ ، ٦٧ ، ١٣)
ـ إنّ المقدور لا يكون لطفا من حيث كان مقدورا ، وإنّما يدخل في كونه لطفا بدخوله تحت الحدوث (ق ، غ ١٣ ، ٦٩ ، ١)
ـ إنّ اللطف لا يكون جهة في حسن التكليف وإن أوجبه التكليف (ق ، غ ١٣ ، ٧٠ ، ٢)
ـ اعلم أنّ شيخنا أبا علي ، رحمهالله ، يقول فيه (اللطف) : إنّه جهة لحسن التكليف. ويقول : لو لم يفعله تعالى لدلّ على أنّه لم يرد من المكلّف فعل ما كلّف. فإذا كان لو لم يرد ذلك منه لم يكن مكلّفا ، ولا حسن منه أن يجعله على صفات المكلّف ، فكذلك إذا لم يلطف ، ويجعل اللطف بمنزلة التمكين وبمنزلة الإبانة ؛ فكما لو كلّف مع العلم بأنّه لا يستقبح التكليف ، فكذلك القول في اللطف (ق ، غ ١٣ ، ٧٠ ، ٤)
ـ أمّا شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، فإنّه يقول في اللطف وفي التمكين جميعا : إنّ التكليف متى صحّ ووقع على شروط حسنة يقتضي وجوبهما ؛ إلّا أنّ التكليف بهما أو بأحدهما يحسن ، وكذلك يقول في نفس الإبانة. ويقول : متى كلّفه فيجب أن يكون عالما بأنّه سيثيب المكلّف إذا أطاع ، وسيمكنه ويلطف له ، ويجعل ما يجري مجرى الجهة لحسنه أن يكون عالما بهذه الأمور دون حدوثها وكونها. وهذا بيّن ، لأنّ من حق اللطف أن يجوز تأخّره عن حال التكليف. وما يحدث بعد التكليف لا يجوز أن يكون جهة لحسن التكليف ؛ لأن ما له يحسن الشيء يجب أن يضامّه ، أو يكون في حكم المقترن به (ق ، غ ١٣ ، ٧٠ ، ٩)
ـ إنّ اللطف لا يجوز أن يكون جهة للطاعة الواقعة من المكلّف. اعلم أنّا قد بيّنا أنّ المكلّف يختار الطاعة عند اللطف الواقع إمّا منه أو من غيره. فالوجه الذي له تحسن الطاعة أو تجب ، لا يجوز أن يكون هو اللطف أو للطف فيه مدخل. يبيّن ذلك أنّ اللطف من حقّه أن يكون متقدّما ـ كما لا يصحّ في الإرادة