بحكم طرد العادة ، كاحتراق القطن عند مجاورة النار ، وحصول البرودة في اليد عند مماسّة الثلج ، فإنّ كل ذلك مستمرّ بجريان سنّة الله تعالى (غ ، ق ، ٩٧ ، ٧)
لذات
ـ الآلام واللذات لا تقع مقدورة لغير الله تعالى ، فإذا وقعت من فعل الله تعالى فهي منه حسن ، سواء وقعت ابتداء أو حدثت منه مسمّاة جزاء. ولا حاجة عند أهل الحقّ في تقديرها حسنة إلى تقدير سبق استحقاق عليها أو استيجاز التزام أعواض عليها ، أو روح جلب نفع أو دفع ضرر موفيين عليها. بل ما وقع منهما فهو من الله تعالى حسن ، لا يعترض عليه في حكمه (ج ، ش ، ٢٣٧ ، ١٤)
لذة
ـ إنّ أصل المنافع هو الملاذّ. ولذلك يستحيل الانتفاع على من تستحيل اللذّة عليه. وكون الملتذّ ملتذّا يتبع كونه مدركا لما يشتهيه ، لأنّه لو أدرك الشيء ولمّا يشتهيه لم يلتذّ به على ما بيّناه من قبل. فإذا صحّ ذلك وجب كون اللذّة تابعا للشهوة وللإدراك. وقد علمت أن العاقل قد يؤثر كثير الملاذّ آجلا على يسيرها عاجلا ، بل قد يستحسن تحمّل المشقّة لملاذّ عظيمة في المستقبل ؛ فلو لا أن ذلك منافع لم يكن ليؤثره على النفع الحاضر القليل ، ولا كان يتحمّل المضرّة لأجله ، فلذلك جعلنا ما يؤدّي إلى الملاذّ نفعا ، وألحقناه باللذّة الحاضرة ، وإذا جاز في اللذّة أن تكون ضررا إذا أعقبت مضرّة عظيمة ، نحو تناول الخبيص المسموم الذي يعدّ مطعمه مسيئا ، فما الذي ينكر من القول بأن المشقّة تكون نفعا إذا أدّت إلى نفع عظيم ، ولو لا أنّ الأمر على ما ذكرناه لم يكن القديم تعالى بالتكليف نافعا ؛ ولا بالآلام التي يستحقّ بها الأعواض ، وإنّما يصحّ القول بأنّه منعم بذلك على الأصل الذي بيّناه ، ولذلك يستحسن العقلاء تعريض أولادهم بإلزام المشاقّ للرتب العالية ، والمنازل الرفيعة ، ويعدّون ذلك من أعظم النعم (ق ، غ ١١ ، ٧٨ ، ٨)
ـ الألم هو معنى يحدث في الحيّ منّا عند التقطيع ، ويتعلّق به النفار ، وهو من المدركات. ولا يمكن المنع من ثبوت معنى مدرك ، وإنّما يقع الكلام في إثباته مفصّلا على الحدّ الذي نذكره. والحال في اللّذة يجري على هذا النحو. وإنّما يفترق الحال فيهما لافتراق ما يقترن بهما وإلّا فهما من نوع واحد (أ ، ت ، ٣٠٧ ، ٥)
ـ نفى الشيخ أبو إسحاق بن عيّاش أن يكون الألم معنى على الحدّ الذي نثبته. وقال : ليس هو إلّا خروج الجسم عن الاعتدال وجعل اللّذة حصول الاعتدال في الجسم وزوال أجزاء عنه كانت بمنزلة حمل الثقيل ، فأدّاه هذا القول إلى أن نفي النفار. ويلزمه نفي الشهوة إذا جعلناه لذّة على بعض الوجوه (أ ، ت ، ٣٠٧ ، ٨)
ـ قد ذهب أبو علي إلى أنّ اللّذة مقدورة للقديم جلّ وعزّ خاصة دوننا. وقد أراد بذلك المعنى الذي يثبته هو عند إدراك الباقيات ، فقد بيّنا أنّه ليس هناك معنى فضلا عن أن يوصف أحد من القادرين بالقدرة عليه. وإن أراد المعنى الذي يجده الحاكّ بجربه على ما يقتضيه ظاهر كلامه ، فقد ثبت أنّ الطريقة فيه وفي الألم الذي نجده عند التقطيع واحدة. فالفرق بينهما متعذّر (أ ، ت ، ٣٢٦ ، ٩)