بغيره لا به ، فلا
مدخل له في هذا الباب. فأمّا شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، فقد اختلفت ألفاظه في ذلك ، فربما مثل ما حكيناه ؛ وربما
قال إن اخترامه يحسن إذا عرف الله ، فيذكر هذا فقط ؛ وربما أومأ إلى ما فصلناه ،
وهو الواجب على قوله. لأنّ المعارف التي تلزم قبل معرفة الله الغرض بها الوصول إلى
معرفته ، ومعرفته تعالى الغرض بها أن يعرفه على ما يختصّ به ، ثم يعرف أنّه حكيم
لا يفعل القبيح ليعرف بعده العدل ، وأنّه لا يكلّف إلّا المنفعة ولا يوجب إلّا
وعلى العبد بالإخلال بالواجب مضرّة ، ويعرف صفة تلك المضرّة وأنّها العقاب ليكون
عن فعل القبيح أبعد. فكل تلك المعارف لا بدّ من أن يمكّنه تعالى منها لتحصل هذه
المعرفة التي هي بعينها لطف ، وليصحّ حصولها على الوجه الذي هو لطف ، ثم يبقيه من
الوقت القدر الذي يصحّ منه الإقدام على القبيح والامتناع منه وفعل الواجب وتركه ،
حتى يحصل منه المقصود بذلك اللطف. فقد بان لك تعلّق بعض هذا التكليف ببعض على وجه
لا يجوز منه تعالى أن يكلّفه إلّا معا. فكيف يجوز أن يخترمه تعالى قبل هذه الأوقات؟
أو ليس ذلك يؤدّي إلى أنّه تعالى كلّف أمرا والغرض به سواه ، ثم اخترمه قبل
التمكّن منه؟ ولو جاز ذلك ، لجاز أن يكلّفه النظر ، والغرض هو المعرفة ، ثم يخترمه
قبل الوقت الذي يصحّ وجودها فيه. وقد علمنا فساد ذلك أجمع (ق ، غ ١٢ ، ٤٢٠ ، ٧)
ـ لا يمتنع أن
يكلّف تعالى الإيمان مع عدم اللطف ، ويكون على هذا الوجه أشقّ والثواب عليه أعظم (ق
، غ ١٣ ، ١٧٣ ، ٤)
ـ كذلك كل ما
كلّفه عباده وما عملوه من الأعمال فغير ضائع عنده بل هو مثبت لديه في كتاب ، يريد
اللوح أو صحيفة الأعمال ناطق بالحق لا يقرءون منه يوم القيامة إلّا ما هو صدق وعدل
لا زيادة فيه ولا نقصان ولا يظلم منهم أحدا ، أو أراد أن الله لا يكلّف إلّا الوسع
، فإن لم يبلغ المكلّف أن يكون على صفة هؤلاء السابقين بعد أن يستفرغ وسعه ويبذل
طاقته فلا عليه ، ولدينا كتاب فيه عمل السابق والمقتصد ، ولا نظلم أحدا من حقه ولا
نحطّه دون درجته (ز ، ك ٣ ، ٣٥ ، ٢٣)
ـ (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ) (الحشر : ١٨) يعلم
ما في ضمائركم ولا يخفى عليه شيء من سرائركم ، وإنّه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على
نفاقكم. صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات وهو أبلغ في تبكيتهم.
يريد فإن تتولّوا فما ضررتموه وإنّما ضررتم أنفسكم ، فإنّ الرسول ليس عليه إلّا ما
حمله الله وكلّفه من أداء الرسالة ، فإذا أدّى فقد خرج عن عهدة تكليفه ، وأمّا
أنتم فعليكم ما كلّفتم من التلقي بالقبول والإذعان ، فإن لم تفعلوا وتولّيتم فقد
عرّضتكم نفوسكم لسخط الله وعذابه ، وإن أطعتموه فقد أحرزتم نصيبكم من الخروج عن
الضلالة إلى الهدى ، فالنفع والضرر عائدان إليكم ، وما الرسول إلّا ناصح وهاد ،
وما عليه إلّا أن يبلغ ماله نفع في قبولكم ولا عليه ضرر في توليكم (ز ، ك ٣ ، ٧٣ ،
١٦)
ـ قام شيخ إلى
عليّ عليهالسلام فقال أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره ،
فقال والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا إلّا بقضاء
الله وقدره ، فقال الشيء فعند الله أحتسب عناي ما أرى لي من