كراهة
ـ كان (الأشعري) يقول إنّ الكراهة لا تضادّ الإرادة على الإطلاق ، بل الإرادة هي الكراهة على وجه. وذلك أنّه إذا أراد كون شيء فقد كره فقده ، وإذا أراد فقده فقد كره كونه ، وأنّ إرادته لكون الشيء هو نفس الكراهة لفقده ، كما كان نفس الأمر بالشيء نهيا عن ضدّه ونفس النهي عن ضدّه نفس الأمر به إذا كان الأمر به إيجابا له (أ ، م ، ٧١ ، ١٣)
ـ الإرادة هو ما يوجب كون الذات مريدا ، والكراهة ما يوجب كونه كارها. والواحد منّا إذا رجع إلى نفسه فصل بين أن يكون على هذه الصفة وبين أن يكون على غيرها من الصفات ، وأجلى الأمور ما يجده الإنسان من نفسه (ق ، ش ، ٤٣١ ، ١٣)
ـ إنّ الإرادة غير الشهوة ، وبمثله يبطل القول بأنّ الكراهة هي نفور الطبع ، ويسقط بذلك قول من يقول إنّه تعالى لا يوصف بإرادة كون ما لا يكون ، لأنّ ذلك شهوة (ق ، غ ٦ / ٢ ، ٣٦ ، ١٣)
ـ اعلم أنّ الواحد منّا يعلم أنّه إذا كره الشيء فقد سخطه ، وإذا سخطه فقد كرهه ، فيجب أن يكون السخط هو الكراهة (ق ، غ ٦ / ٢ ، ٦٠ ، ٤)
ـ قد دللنا في كتاب الإرادة على أنّ الإرادة لا توجب المراد ولا يولّدها ، فلا وجه لإعادة القول فيه ، فيجب القضاء بهذه الجملة على أنّ الإرادة لا تكون سببا ولا يكون غيرها سببا لها ، فكذلك الكراهة ، والقول في الكراهة أبين ، لأنّها تصرّف عن فعل المكروه ويجب عند حصولها أن لا يوجد ، وهذا بالضدّ مما يقتضيه التوليد ، إلا أن يقال إنّها إذا صرفت من شيء ولدت تركه وضدّه ، وقد دلّ الدليل على خلافه (ق ، غ ٩ ، ١٣٢ ، ٢٢)
كرسي
ـ الكرسيّ عبارة عن علمه تعالى ، لأنّ الكرسيّ في أصل اللغة العلم ، ولوحظ في استعمالها. قال أبو ذويب : يحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسي بالأحداد هو بيت. أي أهل كراسي أي علوم. ومنه قيل للصحيفة التي فيها العلم كرّاسة (ق ، س ، ٧٦ ، ١٦)
كسب
ـ زعم بعضهم وهو" الشحّام" أنّ الله يقدر على ما أقدر عليه عباده ، وأن حركة واحدة تكون مقدورة لله وللإنسان ، فإن فعلها الله كانت ضرورة وإن فعلها الإنسان كانت كسبا (ش ، ق ، ١٩٩ ، ٩)
ـ كان" ضرّار بن عمرو" يزعم أنّ الإنسان يفعل في غير حيّزه وأنّ ما تولّد عن فعله في غيره من حركة أو سكون فهو كسب له خلق لله عزوجل ، وكل أهل الإثبات غير" ضرّار" يقولون : لا فعل للإنسان في غيره ويحيلون ذلك (ش ، ق ، ٤٠٨ ، ٥)
ـ معنى الكسب أن يكون الفعل بقدرة محدثة ، فكل من وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق ، ومن وقع منه بقدرة محدثة فهو مكتسب (ش ، ق ، ٥٣٩ ، ١)
ـ من" أهل الإثبات" من يقول إنّ الله يفعل في الحقيقة بمعنى يخلق ، وأنّ الإنسان لا يفعل في الحقيقة وإنّما يكتسب في التحقيق لأنّه لا يفعل إلّا من يخلق ، إذ كان معنى فاعل في اللغة معنى خالق ، ولو جاز أن يخلق الإنسان بعض كسبه لجاز أن يخلق كل كسبه ، كما أنّ القديم لمّا خلق بعض فعله خلق كل فعله (ش ، ق ، ٥٤١ ، ٧)