ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبثا ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظنّ الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار. فقال الشيخ فما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلّا بهما ، فقال هو الأمر من الله والحكم ، ثم تلا قوله سبحانه وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه فنهض الشيخ مسرورا وهو يقول : أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النشور من الرحمن رضوانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربّك عنّا فيه إحسانا. ذكر ذلك أبو الحسين في بيان أنّ القضاء والقدر قد يكون بمعنى الحكم والأمر وأنّه من الألفاظ المشتركة (أ ، ش ٤ ، ٢٧٧ ، ٢٧)
قضى
ـ اعلم ـ علمك الله الخير ـ أنّ أبا موسى كان يزعم أنّ من قال : إنّ الله يرى بالأبصار ، على أي وجه قاله فمشبه لله بخلقه ، والمشبّه عنده كافر بالله. فكذلك من وصف الله بأنّه يقضي المعاصي على عباده ويقدّرها فمسفّه لله في فعله والمسفّه لله كافر به ، والشاك في قول المشبه والمجبر فلا يدري أحق قوله أم باطل؟ كافر بالله أيضا ، لأنّه شاكّ في الله لا يدري أم شبه هو لخلقه أم ليس بمشبه لهم ، أسفيه هو فعله أم ليس بسفيه؟ وكذلك الشاك في الشاك أبدا ، إذا كان شكه إنّما كان في نفس التشبيه والإجبال أحق هما أم باطل؟ هذا قول أبي موسى المعروف؟ (خ ، ن ، ٥٥ ، ٢)
ـ الجماعة التي قالت : " الصدقة تدفع القضاء المبرم" فلقولها تأويل وهو أنّ من منع زكاة ماله فقضى الله عليه أنّه فاجر فاسق من أهل الوعيد ، فإذا تصدّق بها وأخرجها أزال الله عنه ذلك القضاء وقضى له بقضاء غيره وهو أنّه يرتقي من أهل الوعد في الجنّة (خ ، ن ، ٩٥ ، ٤)
ـ قول الله ، عزوجل : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) (الإسراء : ٤) أي تختارون اسم الفساد ، كما قال : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) (الحجر : ٦٦) ، أي يقول : أعلمناه (ي ، ر ، ١٠٢ ، ١٢)
ـ إن قال قائل : فهل قضى الله تعالى المعاصي وقدّرها ، قيل له : نعم بأن خلقها وبأن كتبها وأخبر عن كونها كما قال (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) (الإسراء : ٤) يعني أخبرناهم وأعلمناهم وكما قال (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (النمل : ٥٧) يريد كتبناها وأخبرنا أنها من الغابرين. ولا نقول قضاها وقدّرها بأن أمر بها (ش ، ل ، ٤٥ ، ١١)
ـ إن قال قائل : أفترضون بقضاء الله وقدره الكفر ، قيل له : نرضى بأن قضى الله تعالى الكفر قبيحا وقدّره فاسدا ، ولا نرضى بأن كان الكافر به كافرا ، لأنّ الله تعالى نهانا عن ذلك ، وليس إذا أطلقنا الرضى بلفظ القضاء وجب أن نطلقه بلفظ الكفر (ش ، ل ، ٤٦ ، ١٥)
ـ قيل : " وإذا قضى أمرا" ؛ يعني رضي بإهلاك قوم ، واستئصالهم" فإنّما يقول له : كن فيكون (م ، ت ، ٢٦٨ ، ١)
ـ قضى أي أعلم وأخبر كقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) (الإسراء : ٤) ، وعلى هذا الوجه أيضا يجوز ثناؤه ، ولا تمانع في جواز ذلك (م ، ح ، ٣٠٦ ، ١٢)
ـ قضى قد يكون أمر كقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء : ٢٣) ، وقوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) (الأحزاب : ٣٦) ، وهذا لا يجوز أن