سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت : ١٢) يعني خلقهنّ ، ويكون القضاء بمعنى التسليط. والخلق ، وهو قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) (سبأ : ١٤) يعني خلقنا وسلّطنا عليه الموت ، ويكون بمعنى الإخبار والإعلام ، وهو قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) (الإسراء : ٤) يعني أعلمناهم وأخبرناهم ، ويكون القضاء بمعنى الأمر ، قال الله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء : ٢٣) ، ويكون القضاء بمعنى الحكم والإلزام ، يقال : قضى القاضي على فلان بكذا ، أي أوجبه عليه وألزمه إيّاه وحكم به عليه ، فإنّ الله تعالى قضى بالمعاصي والكفر ، بمعنى أنّه أراده وخلقه ، وقدّره ، ولا يجوز أن يكون بمعنى أمر به واختاره دينا وشرعا ، ولا مدحه ، ولا يثيب عليه ، ولا فرضه فرضا على أحد ، بمعنى أنّه أوجبه عليه (ب ، ن ، ١٦٦ ، ٧)
ـ كان (الأشعري) يقول في معنى القضاء إنّه يتصرّف على وجوه. منها الإعلام ، كقوله تعالى (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) (الإسراء : ٤) أي" أعلمناهم وأخبرناهم". والقضاء أيضا بمعنى الخلق ، كقوله (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصّلت : ١٢) أي" خلقهنّ". والقضاء أيضا بمعنى الأمر ، كقوله (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء : ٢٣) معناه" أمر ربّك". والقضاء بمعنى الحكم ، كقوله تعالى (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) (غافر : ٢٠) أي" يحكم به". والقضاء أيضا بمعنى الأداء ، كقوله تعالى (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ) (الجمعة : ١٠) أي" أدّيت" ، وقضى فلان دينه إذا أدّاه. وقضى أيضا بمعنى الفراغ من الشيء وهو قريب من معنى الأداء ، منه قوله تعالى (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) (الأحزاب : ٣٧). ومنه قضى فلان نحبه إذا مات فشبّه بمن يفرغ من أمره (أ ، م ، ٩١ ، ٦)
ـ إذا قيل له (للأشعري) " إذا كان الكفر قضاء الله تعالى وقدره فهل تقولون إنّا نرضى بقضاء الله تعالى وقدره؟ فإن قلتم نعم لزمكم الرضا بالكفر ، وإن أبيتم منعتم ما أجمع على إطلاقه" فيقول" إنّا نقسّم الكلام ونقول : إن أردتم أنّا نرضى بأن قضى الله الكفر على معنى أنّه خلقه كفرا لغيره قبيحا منه فلا نأبى ذلك بل هو الواجب. وليس إذا أطلقنا الرضا بلفظ القضاء وجب أن نطلق بلفظ الكفر ، إذ قد يصحّ أن يطلق شيء بلفظ ويمنع من لفظ إذا كان في إطلاقه إيهام للخطأ. ومثال ذلك أنّا نقول إنّ الأعراض دلالات على الله تعالى ثم نقول للحركة منها أنّها بطلت وتلاشت ، ولا نقول إنّ دلالة الله تعالى بطلت وحجّته زالت بلفظ الحجّة ونقول بلفظ الحركة ، لأنّ إطلاق ذلك بلفظ الحركة لا يوهم الخطأ وبلفظ الحجّة يوهمه" (أ ، م ، ٩٨ ، ١٥)
ـ كان (الأشعري) يذهب إلى أنّ القضاء إذا كان بمعنى الخلق وهو عين المقضيّ كما أنّ عين الخلق هو المخلوق ، وإذا كان القضاء بمعنى الإعلام والحكم والأمر فإنّه غير المقضيّ ، والرضا به رضا بهذه المعاني المتعلّقة به لا بعين المقضيّ (أ ، م ، ٩٨ ، ٢٣)
ـ في القضاء والقدر : وجملة القول في ذلك أنّ القضاء قد يذكر ويراد به الفراغ عن الشيء وإتمامه. قال الله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت : ١٢) وقال : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى