بإرادته له
متقدّما السرور ، ومتى كان فعله شاقّا وطّن نفسه على فعله بالإرادة ، فكان إلى
فعله أقرب ، فلذلك حسن منّا تقديم الإرادة. وهذان الوجهان لا يصحّان على القديم
سبحانه ، فيجب أن يقبح منه العزم على الأفعال (ق ، غ ١١ ، ١٢٩ ، ٨)
إرادة أفعاله
تعالى
ـ إنّ معنى إرادته
(الله) لأفعاله هو أنّه فعلها وهو غير ساه ولا مكره (ز ، ك ١ ، ٢٦٦ ، ١٧)
إرادة الله
ـ قال يحيى بن
الحسين ، صلوات الله عليه : والإرادة من الله عزوجل ، في خلقه ، على معنيين : إرادة حتم وجبر وقسر : وهي إرادة
الله ، عزوجل ، في خلق السموات والأرض وما بينهما من الخلق ، من
الملائكة والجن والإنس والطير والدواب وغير ذلك ، إرادة حتم وجبر ، فجاء خلقه كما
أراد ، لم يمتنع منه شيء ولم يغلبه شيء من الأشياء ، كما قال ، عزوجل : (ما تَرى فِي خَلْقِ
الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (الملك : ٣٥) ،
وقال : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى
السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً
قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (فصلت : ١١) ،
يقول : كوّنهما فكانتا من غير مخاطبة ولا أمر ، وذلك أن الله ، عزوجل ، لم يخاطب أحدا من خلقه إلّا ذوي العقول من الملائكة
والجن والإنس ، وسائر خلقه حيوان لا عقول لها ، وجماد لا روح فيه ، وإنّما خاطب
الله ، عزوجل ، أهل العقول وأمرهم ونهاهم وأرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم
الكتب وبيّن لهم الحلال والحرام ، فمن أطاعه وائتمر بأمره وانتهى عن نهيه استوجب
من الله الحفظ والحياطة في دنياه الفانية والثواب الجزيل في آخرته الباقية ، ومن
عصاه منهم عذّبه في الدنيا والآخرة. والذي لا عقل له في خلقه لا يجب له ثواب ولا
عليه عقاب. ثم قال ، عزوجل : (إِنَّما قَوْلُنا
لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل : ٤٠) ،
يقول : إذا كوّنّاه كان بلا كلفة ولا اضطراب ولا تخيّل ولا إضمار ولا تفكر ، ولا
تتقدم إرادته فعله ولا فعله إرادته ، بل إرادته للشيء إيجاده وكونه ، وإذا أراده
فقد كونه ، وإذا كونه فقد أراده ، ولا وقت بين إرادته للشيء وكونه.
والإرادة الثانية
: من الله ، عزوجل ، إرادة تخيير وتحذير ، معها تمكين وتفويض ، أراد من خلقه
الإيمان على هذا الوجه ، لأنّه لو أراد منهم الإيمان على نحو ما أراد خلقهم ، ما
إذا قدر واحد من خلقه على أن يخرج من الإيمان إلى الكفر كما لا يقدرون أن يتحوّلوا
من صورهم إلى صور غيرهم من الخلق ، ولكن ركّب فيهم العقول ، وأرسل إليهم الرسول ،
وهداهم النجدين ، ومكنهم من العملين ، ثم قال : (فَمَنْ شاءَ
فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف : ٢٩) ،
وقال : (إِنَّا هَدَيْناهُ
السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان : ٣) ،
وقال : (وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (فصلت : ١٧) ،
فدلّ على أنّه هداهم ، واستحبوا هم العمى على الهدى ، اختيارا من أنفسهم واستحبابا
(ي ، ر ، ٨٨ ، ٣)
ـ إنّ إرادة الله
غير مراده وغير أمره وأنّ إرادته لمفعولاته ليست بمخلوقة على الحقيقة بل هي مع
قوله لها كوني خلق لها ، وإرادته للإيمان ليست بخلق له وهي غير الأمر به وإرادة
الله قائمة به لا في مكان ، وقال بعض أصحاب" أبي الهذيل" : بل إرادة
الله موجودة لا في