علم وجوده فليس بمراد الانتفاء وإن كان منهيّا عنه ، وإلّا كان فيه إبطال أخصّ وصف الإرادة ، وهو تأتي التمييز بها ، وهو ممتنع. وأمّا ما يطلق عليه اسم الإرادة مع عدم حصول التمييز به فليس في الحقيقة إرادة بل شهوة وتمنّيا ، فإذا الإرادة أعمّ من الأمر من جهة أنّها توجد ولا أمر ، والأمر أعمّ منها من جهة أنّه قد يكون ولا إرادة ، وليس لا واحد منهما يلزم الآخر لزوما معاكسا ولا غير معاكس. وعند ذلك فلا يلزم من الأمر بالوجود وإرادة العدم ما تخيّلوه من التناقض. وعلى هذا القول في النهي أيضا (م ، غ ، ٦٧ ، ٣)
ـ أمّا الإرادة فإنّها قد تتعلّق بالتكليف من الأمر والنهي ، وقد تتعلّق بالمكلّف به أي إيجاده وإعدامه (م ، غ ، ٦٨ ، ١١)
ـ لا سبيل إلى القول بالاستغناء بالعلم أو القدرة عن الإرادة أصلا. ولا جائز أن يقال بأنّ معناها هو معنى العلم أو القدرة ، إذ هما أعمّ منها ، من حيث أنّ كل مراد لله ـ تعالى ـ مقدور ، ومعلوم. وليس كل معلوم أو مقدور مرادا ، والقول بأنّ الأخصّ هو الأعمّ ، والأعمّ هو الأخصّ ، محال. فقد بان أنّه لا بدّ من صفة زائدة على ذات واجب الوجود ، يتأتّى بها التخصيص بالحدوث ، وتلك الصفة هي الإرادة ، وأنّها لا بدّ من قدمها وأزليّتها ، وقيامها بذات واجب الوجود ، وتعلّقها بجميع الكائنات ، وهي ـ مع ذلك ـ متّحدة لا كثرة فيها ، ومع اتّحادها فلا نهاية لها ، لا بالنظر إلى ذاتها ، ولا بالنظر إلى متعلّقاتها (م ، غ ، ٧١ ، ٢)
ـ الإرادة عبارة عن : معنى يوجب تخصيص الحادث بزمان حدوثه (م ، غ ، ٩٨ ، ٥)
ـ إرادة الشيء يلزمها كراهة ضدّه ، بشرط التفطّن للضدّ (ط ، م ، ١٦٨ ، ٢١)
ـ الإرادة : صفة توجب للحيّ حالا يقع منه الفعل على وجه دون وجه ، وفي الحقيقة هي ما لا يتعلّق دائما إلّا بالمعدوم ، فإنّها صفة تخصّص أمرا ما لحصوله ووجوده (ج ، ت ، ٣٧ ، ١٥)
ـ العدليّة : وللعباد إرادة يحدثونها. المجبرة : لا. قلنا : لا ينكرها عاقل ، وقال تعالى : (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء : ٦٠) وهي من العبد توطين النفس على الفعل أو الترك (ق ، س ، ١١٠ ، ١٦)
إرادة أزلية
ـ إنّ الإرادة الأزليّة لم تتعلّق بالمراد من أفعال العباد من حيث هو مكلّف به إمّا طاعة وإمّا معصية وإمّا خيرا وإمّا شرّا ، بل لا يتعلّق به من حيث هو فعل العبد وكسبه على الوجه الذي ينسب إليه ، فإنّ إرادة فعل الغير من حيث هو فعله تمنّ وشهوة ، وإنّما يتعلّق به من حيث هو متجدّد متخصّص بالوجود دون العدم ، متقدّر بقدر دون قدر ، وهو من هذا الوجه غير موصوف بالخير والشرّ ، وإن أطلق لفظ الخير على الوجود من حيث هو وجود ، فذلك إطلاق بمعنى يخالف ما تنازعنا فيه (ش ، ن ، ٢٥٢ ، ١)
إرادة أفعال مبتدأة
ـ أمّا إرادته تعالى لأفعاله المبتدأة إذا تقدّمت فإنّما تقبح ؛ لأنّه لا فائدة فيها ؛ من حيث يجب عند فعله أن يريده ، فوجود المتقدّمة كعدمها ، وليس كذلك حال العزم منّا ؛ لأنّ الواحد منّا متى أراد فعل المستقبل الذي ينتفع به تعجّل