ـ إنّ العلم بالله وبأمره عرض لا يدرك إلّا بالاستدلال ، وقد أظهر به ما يستدل من أحوال نفسه التى عليها مداره ، مع ما بيّنا أنّ الضرورة تبعثه على النظر وتدفعه إلى الفكر فيما يرى من أحواله وأعضائه ومنافعه ومضارّه التي في الجهل بها عطبه وفي العلم بها صلاحه ، وفي صلاحه بها على علمه بأنّه لم يكن دبّر ما ذكرت من أحوال تضطرّه إلى معرفته ومن قام هو به (م ، ح ، ١٣٧ ، ١٤)
ـ العلم على وجهين : على الظاهر البيّن والخفي المستور ليتفاضل بذلك أولو العقل على قدر تفاضلهم في الاجتهاد واحتمال ما كرهته الطباع ونفرت عنه النفس ، وعلى ذلك جعل سبيله قسمين : أحدهما العيان الذي هو أخصّ الأسباب ، وهو الذي ليس معه جهل ، ليكون أصلا لما خفي منه ، والثاني السمع الذي عن دلالة الأعيان يعرف صدقه وكذبه. ثم جعل السمع قسمين : محكم ومتشابه ومفسّر ومبهم ، ليبيّن منتهى المعارف من الكفّ فيما يجب ذلك والإقدام فيما يلزمه ، ومن حمل المبهم على المفسّر ، لزم المحكم وعرض المتشابه عليه ما أمكن أن يكون ما فيه مما يلزم تعرّفه ومما إليه حاجة بأهل المحنة ، أو ترك الخوض في ذلك فيما أمكن الغنى عن تعرّف حقيقة ما فيه ، فيكون محنة الوقوف (م ، ح ، ٢٢٢ ، ٦)
ـ اعلم أنّ المشيئة صفة الشائي والإرادة صفة المريد ، والأمر صفة الآخر والعلم صفة العالم ، والكلام صفة المتكلّم (م ، ف ، ١٧ ، ٢٣)
ـ فإن قال قائل : ما حدّ العلم عندكم؟ قلنا : حدّه أنّه معرفة المعلوم على ما هو به. والدليل عن ذلك أنّ هذا الحدّ يحصره على معناه ولا يدخل فيه ما ليس منه ولا يخرج منه شيئا هو منه. والحدّ إذا أحاط بالمحدود على هذه السبيل وجب أن يكون حدا ثابتا صحيحا (ب ، ت ، ٣٤ ، ١٥)
ـ أنّ الواجب على المكلّف. ـ أن يعرف بدء الأوائل والمقدّمات التي لا يتم له النظر في معرفة الله عزوجل وحقيقة توحيده ، وما هو عليه من صفاته التي بان بها عن خلقه ، وما لأجل حصوله عليها استحق أن يعبد بالطاعة دون عباده. فأوّل ذلك القول في العلم وأحكامه ومراتبه ، وأنّ حدّه : أنّه معرفة المعلوم على ما هو به ، فكل علم معرفة وكل معرفة علم (ب ، ن ، ١٣ ، ١٩)
ـ اعلم أنّ الذي يدور عليه كلامه في ذلك وفي سائر حدود جملة المعاني شيء واحد وهو أنّه يقول : " معنى العلم وحقيقته ما به يعلم العالم المعلوم". وعلى ذلك عوّل في استدلاله على أنّ الله تعالى عالم بعلم من حيث أنّه لو كان عالما بنفسه كان نفسه علما ، لأنّ حقيقة معنى العلم ما يعلم به العالم المعلوم ، فلو كانت نفس القديم سبحانه نفسا بها يعلم المعلومات وجب أن تكون علما وفي معناه (أ ، م ، ١٠ ، ١٢)
ـ كان (الأشعري) ينكر أن يكون معنى العلم اعتقاد الشيء على ما هو به وقال إن وصف علمنا بأنّه اعتقاد مجاز ، لأنّ أصل العقد والاعتقاد إنّما يتحقّق بغير المعاني وإذا استعمل في ذلك فعلى التوسّع. ومن مذهبه أيضا أنّه لا يفرّق بين العلم والمعرفة ، وكذلك اليقين والفهم والفطنة والدراية والعقل والفقه كل ذلك عنده بمعنى العلم ، وأنّ الباري تعالى إنّما اختصّ بوصف العلم اتّباعا له في تسميته نفسه