هشام الفوطي. وقوله أنّ الله لم يزل عالما لنفسه لا بعلم سواه قديم على ما قال أصحاب الصفات ، ولا بعلم محدث على ما قاله هشام بن الحكم وأصحابه من مشبّهة الرافضة. وإنّما خلاف هشام الفوطي في هذا الموضع خلاف في الأسماء المعلومات : هل هي أشياء قبل كونها أم ليست بأشياء؟ فأما في الله جلّ ذكره :
هل هو عالم أم ليس بعالم؟ فلا. وهو يزعم أنّ الله لم يزل عالما بأنّه سيخلق الدنيا ثم يفنيها ثم يعيد أهلها (خ ، ن ، ٤٩ ، ٢٣)
ـ قال أكثر المعتزلة والخوارج وكثير من المرجئة وبعض الزيدية أنّ الله عالم قادر حيّ بنفسه لا بعلم وقدرة وحياة ، وأطلقوا أنّ لله علما بمعنى أنّه عالم ، وله قدرة بمعنى أنّه قادر ، ولم يطلقوا ذلك على الحياة ولم يقولوا : له حياة ولا قالوا سمع ولا بصر وإنّما قالوا قوّة وعلم لأنّ الله سبحانه أطلق ذلك. ومنهم من قال : له علم بمعنى معلوم وله قدرة بمعنى مقدور ولم يطلقوا غير ذلك (ش ، ق ، ١٦٥ ، ٣)
ـ من الروافض من يقول : معنى أن الله يعلم معنى أنّه يفعل ، فإن قيل لهم فلم يزل عالما بنفسه؟ قال بعضهم : لم يكن يعلم نفسه حتى فعل العلم لأنّه قد كان ولمّا يفعل ، وقال بعضهم : لم يزل يعلم نفسه ، فإن قيل لهم : فلم يزل يفعل؟ قالوا : نعم ولم يقولوا بقدم الفعل (ش ، ق ، ٢٢٠ ، ١٠)
ـ حكي عن" هشام بن الحكم" أنّه قال إنّ العلم صفة لله وليس هي هو ولا غيره ولا بعضه ، وأنّه لا يجوز أن يقال [له] محدث ولا يقال له قديم ، لأنّ الصفة لا توصف عنده ، وكذلك قوله في سائر صفاته من القدرة والإرادة والحياة وسائر ذلك أنّها لا هي الله ولا هي غيره ولا هي قديمة ولا محدثة (ش ، ق ، ٢٢٢ ، ١)
ـ معنى يعلم هو معنى يفعل (ش ، ق ، ٤٩٠ ، ٥)
ـ العلم صفة لله سبحانه في ذاته وأنّه عالم في نفسه غير أنّه لا يوصف بأنّه عالم حتى يكون الشيء ، فإذا كان قيل عالم به ، وما لم يكن الشيء لم يوصف بأنّه عالم به ، لأنّ الشيء ليس ، وليس يصحّ العلم بما ليس ، وهذا قول يحكى عن" السكّاكية" (ش ، ق ، ٤٩٠ ، ١٠)
ـ لم يزل الله عالما ، والعلم صفة له في ذاته ، ولا يوصف بأنّه عالم بالشيء حتى يكون (ش ، ق ، ٤٩٠ ، ١٤)
ـ كان (الجبائي) لا يسمّي العلم علما قبل كونه لأنّه اعتقاد الشيء على ما هو به بضرورة أو بدليل (ش ، ق ، ٥٢٣ ، ١٣)
ـ الدليل على أنّ لله تعالى قدرة وحياة كالدليل على أنّ لله تعالى علما (ش ، ل ، ١٣ ، ١٨)
ـ قال تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ) (الرحمن : ١ ـ ٢ ـ ٣) ففرّق بين الإنسان وبين القرآن ، فقال : علّم ، خلق ، فجعل يعيدها ، علّم ، خلق ، أي فرّق بينهما (ش ، ب ، ٧٠ ، ٢)
ـ أجمع المسلمون قبل حدوث الجهمية والمعتزلة والحرورية ـ على أنّ لله علما لم يزل ، وقد قالوا : علم الله لم يزل ، وعلم الله سابق في الأشياء ، ولا يمنعون أن يقولوا في كل حادثة تحدث ، ونازلة تنزل : كل هذا سابق في علم الله ، فمن جحد أنّ لله علما ، فقد خالف المسلمين ، وخرج عن اتفاقهم (ش ، ب ، ١٠٩ ، ٨)
ـ قالوا (المعتزلة) : لا يجوز أن يكون علم الله محدثا لأنّ ذلك يقتضي أن يكون حدث بعلم آخر ، كذلك لا إلى غاية (ش ، ب ، ١٢٠ ، ١)