ولكن يقال خلق الناس وذلك زعم ، لأنّ المؤمن عنده إنسان وإيمان ، والكافر إنسان وكفر ، وإنّ الله تعالى إنّما خلق عنده الإنسان فقط ولم يخلق الإيمان ولا الكفر ، وكان يقول إنّ الله تعالى لا يقدر على أن يخلق غير ما خلق ، وأنّه تعالى لم يخلق المجاعة ولا القحط (ح ، ف ٤ ، ١٩٦ ، ١٧)
ـ ذكر عن النظّام أنّه قال إنّ الله تعالى يخلق كل ما خلق في وقت واحد دون أن يعدمه وأنكر عليه القول بعض أهل الكلام (ح ، ف ٥ ، ٥٤ ، ٢٣)
ـ إنّ معنى خلقه إنّه تعالى أخرجه من العدم إلى الوجود (ح ، ف ٥ ، ٥٥ ، ٣)
ـ صحّ أنّ في كل حين يحيل الله تعالى أحوال مخلوقاته فهو خلق جديد ، والله تعالى يخلق في كل حين جميع العالم خلقا مستأنفا دون أن يفنيه (ح ، ف ٥ ، ٥٥ ، ١٦)
ـ وقرئ تخلقون من خلق بمعنى التكثير في خلق ، وتخلقون من تخلّق بمعنى تكذّب وتخرص (ز ، ك ٣ ، ٢٠١ ، ٧)
ـ (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (الصافات : ٩٦) يعني خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام كقوله (بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَ) (الأنبياء : ٥٦) أي فطر الأصنام. فإن قلت : كيف يكون الشيء الواحد مخلوقا لله معمولا لهم ، حيث أوقع خلقه وعملهم عليها جميعا؟ قلت : هذا كما يقال عمل النجار الباب والكرسيّ ، وعمل الصائغ السوار والخلخال ، والمراد عمل أشكال هذه الأشياء وصوّرها دون جواهرها ، والأصنام جواهر وأشكال فخالق جواهرها ، الله ، وعاملوا أشكالها الذين يشكّلونها بنحتهم وحذفهم بعض أجزائها حتى يستوي التشكيل الذي يريدونه. فإن قلت : فما أنكرت أن تكون ما مصدريّة لا موصولة ويكون المعنى والله خلقكم وعملكم كما تقول المجبرة؟ قلت : أقرب ما يبطل به هذا السؤال بعد بطلانه بحجج العقل والكتاب أنّ معنى الآية يأباه إباء جليّا وينبو عليه نبوّا ظاهرا ، وذلك أنّ الله عزوجل قد احتجّ عليهم بأنّ العابد والمعبود جميعا خلق الله ، فكيف يعبد المخلوق المخلوق ، على أنّ العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود وشكله ، ولولاه لما قدر أن يصوّر نفسه ويشكّلها ، ولو قلت : والله خلقكم وخلق عملكم لم تكن محتجّا عليهم ولا كان لكلامك طباق ، وشيء آخر وهو أنّ قوله ما تعملون ترجمة عن قوله ما تنحتون ، وما في ما تنحتون موصولة لا مقال فيها فلا يعدل بها عن أختها إلّا متعسّف متعصّب لمذهبه من غير نظر في علم البيان ولا تبصر لنظم القرآن. فإن قلت : أجعلها موصولة حتى لا يلزمني ما ألزمت وأريد وما تعملونه من أعمالكم؟ قلت : بل الإلزامان في عنقك لا يفكّهما إلّا الإذعان للحق ، وذلك أنّك وإن جعلتها موصولة فإنّك في إرادتك بها العمل غير محتجّ على المشركين كحالك وقد جعلتها مصدريّة ، وأيضا فإنّك قاطع بذلك الوصلة بين ما تعملون وما تنحتون حتى تخالف بين المرادين بهما ، فتريد بما تنحتون الأعيان التي هي الأصنام ، وبما تعملون المعاني التي هي الأعمال ، وفي ذلك فلك النظم وتبتيره كما إذا جعلتها مصدريّة (ز ، ك ٣ ، ٣٤٥ ، ١٨)
ـ عن الأخفش : تخلق من منى الماني : أي قدر المقدّر (ز ، ك ٤ ، ٣٤ ، ٩)
ـ (تَخْلُقُونَهُ) (الواقعة : ٥٩) تقدّرونه وتصوّرونه (ز ، ك ٤ ، ٥٦ ، ٢١)