وجماد جاء به على الجبلة المستوية المقدّرة بأمثلة الحكمة والتدبير فقدّره لأمر ما ، ومصلحة مطابقا لما قدّر له غير متجاف عنه ، أو سمّي إحداث الله خلقا لأنّه لا يحدث شيئا لحكمته إلّا على وجه التقدير من غير تفاوت ، فإذا قيل خلق الله كذا فهو بمنزلة قولك أحدث وأوجد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق ، فكأنّه قيل وأوجد كل شيء فقدّره في إيجاده لم يوجده متفاوتا. وقيل فجعل له غاية ومنتهى ، ومعناه : فقدّره للبقاء إلى أمد معلوم (ز ، ك ٣ ، ٨١ ، ٩)
ـ الخلق بمعنى الافتعال كما في قوله تعالى (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (العنكبوت : ١٧) والمعنى : أنّهم آثروا على عبادة الله سبحانه آلهة لا عجز أبين من عجزهم لا يقدرون على شيء من أفعال الله ولا من أفعال العباد حيث لا يفتعلون شيئا وهم يفتعلون ، لأنّ عبدتهم يصنعونهم بالنحت والتصوير (ز ، ك ٣ ، ٨١ ، ١٦)
ـ قوله تعالى (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (التغابن : ٢) أي عالم بكفركم وإيمانكم اللذين هما من عملكم ؛ والمعنى : هو الذي تفضل عليكم بأصل النعم الذي هو الخلق والإيجاد من العدم ، فكان يجب أن تنظروا النظر الصحيح وتكونوا بأجمعكم عبادا شاكرين ، فما فعلتم مع تمكّنكم بل تشعّبتم شعبا وتفرّقتم أمما ، فمنكم كافر ومنكم مؤمن ، وقدّم الكفر لأنّه الأغلب عليهم والأكثر فيهم. وقيل هو الذي خلقكم فمنكم كافر بالخلق وهم الدهريّة ومنكم مؤمن به (ز ، ك ٤ ، ١١٣ ، ٦)
ـ (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ) (الغاشية : ١٧) نظر اعتبار (كَيْفَ خُلِقَتْ) (الغاشية : ١٧) خلقا عجيبا دالّا على تقدير مقدّر شاهدا بتدبير مدبّر حيث خلقها للنهوض بالأثقال وجرّها إلى البلاد الشاحطة ، فجعلها تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر ثم تنهض بما حملت ، وسخّرها منقادة لكل من اقتادها بأزمتها لا تعاز ضعيفا ولا تمانع صغيرا ، وبرّأها طوال الأعناق لتنوأ بالأوقار (ز ، ك ٤ ، ٢٤٧ ، ١٧)
ـ حكى الكعبي عنه (العلّاف) أنّه قال : إرادة الله غير المراد ، فإرادته لما خلق هي خلقه له ، وخلقه للشيء عنده غير الشيء ، بل الخلق قول لا في محل (ش ، م ١ ، ٥٣ ، ٤)
ـ يحكى عنه (معمّر) أيضا أنّه قال : الخلق غير المخلوق ، والإحداث غير المحدث (ش ، م ١ ، ٦٨ ، ٦)
ـ إنّ إمام الحرمين أبا المعالي الجويني ... قال : ... لا بدّ إذن من نسبة فعل العبد إلى قدرته حقيقة ، لا على وجه الإحداث والخلق ، فإنّ الخلق يشعر باستقلال إيجاده من العدم ، والإنسان كما يحسّ من نفسه الاقتدار ، يحسّ من نفسه أيضا عدم الاستقلال ، فالفعل يستند وجوده إلى القدرة ، والقدرة يستند وجودها إلى سبب آخر تكون نسبة القدرة إلى ذلك السبب كنسبة الفعل إلى القدرة. وكذلك يستند سبب إلى سبب آخر حتى ينتهي إلى مسبّب الأسباب. فهو الخالق للأسباب ومسبّباتها ، المستغني على الإطلاق ، فإنّ كل سبب مهما استغنى من وجه محتاج من وجه ، والباري تعالى هو الغنيّ المطلق ، الذي لا حاجة له ولا فقر (ش ، م ١ ، ٩٩ ، ١)
ـ يفرّقون (الكراميّة) بين الخلق والمخلوق ، والإيجاد والموجود والموجد ، وكذلك بين الإعدام والمعدوم. فالمخلوق إنّما يقع بالخلق ، والخلق إنّما يقع في ذاته بالقدرة ،