يحدث الشيء فعلا لا من محدث أحدثه فعلا. فلمّا لم يجز ذلك صحّ أنّه لم يحدث على حقيقته إلّا من محدث أحدثه على ما هو عليه وهو قاصد إلى ذلك ، لأنّه لو جاز حدوث فعل على حقيقته لا من قاصد لم يؤمن أن تكون الأفعال كلّها كذلك ، كما أنّه لو جاز حدوث فعل لا من فاعل لم يؤمن أن تكون الأفعال كلها كذلك. وإذا كان هذا هكذا فقد وجب أن يكون للكفر محدث أحدثه كفرا باطلا قبيحا وهو قاصد إلى ذلك ، ولن يجوز أن يكون المحدث له هو الكافر الذي يريد أن يكون الكفر حسنا صوابا حقّا فيكون على خلاف ذلك. وكذلك للإيمان محدث أحدثه على حقيقته متعبا مؤلما مرمضا غير المؤمن الذي لو جهد أن يقع الإيمان خلاف ما وقع من إيلامه وإتعابه وإرماضه لم يكن له إلى ذلك سبيل. وإذا لم يجز أن يكون المحدث للكفر على حقيقته الكافر ولا المحدث للإيمان على حقيقته المؤمن فقد وجب ، أن يكون محدث ذلك هو الله تعالى رب العالمين القاصد إلى ذلك ، لأنّه لا يجوز أن يكون أحدث ذلك جسم من الأجسام ، لأنّ الأجسام لا يجوز أن تفعل في غيرها شيئا (ش ، ل ، ٣٨ ، ٩)
ـ من قضاء الله تعالى الذي هو خلق ما هو حقّ كالطاعات وما لم ينه عنه. ومن قضاء الله تعالى الذي هو خلق ما هو جور كالكفر والمعاصي لأنّ الخلق منه حق ومنه باطل. وأمّا القضاء الذي هو أمر والقضاء الذي هو إعلام وإخبار وكتاب ، فحق لأنّه غير المقضيّ (ش ، ل ، ٤٥ ، ١٨)
ـ ودانوا (المعتزلة) بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين الذين قالوا : (إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (المدثر : ٢٥) ، فزعموا أنّ القرآن كقول البشر (ش ، ب ، ١٢ ، ١)
ـ إن سأل سائل عن الدليل على أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق. قيل له : الدليل على ذلك قوله عزوجل : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) (الروم : ٢٥) وأمر الله هو كلامه ، وقوله فلمّا أمرهما بالقيام فقامتا لا يهويان؟ كان قيامهما بأمره ، وقال عزوجل : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (الأعراف : ٥٤) فالخلق جميع ما خلق داخل فيه ، لأنّ الكلام إذا كان لفظه لفظا عاما فحقيقته أنّه عام ، ولا يجوز لنا أن نزيل الكلام عن حقيقته بغير حجّة ولا برهان. فلمّا قال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) (الأعراف : ٥٤) كان هذا في جميع الخلق ، ولما قال : (وَالْأَمْرُ) (الأعراف : ٥٤) ذكر أمرا غير جميع الخلق ، فدلّ ما وصفناه على أن أمر الله غير مخلوق (ش ، ب ، ٥١ ، ٩)
ـ إنّ الله تعالى خلق هذه الدار لمحنة أهلها ، وجعل لهم دارا يجزيهم فيها ، مما لو لا هي لكان يكون خلق هذه الدار بما فيها عبثا ؛ إذ يكون خلق الخلق للفناء بلا عواقب لهم ، وذلك عبث في العقول ؛ لأنّ كل شارع ـ فيما لا عاقبة له ـ عابث ، و ـ فيما لا يريد معنى يكون في العقل ـ هازل ؛ ولذلك قال (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون : ١١٥) (م ، ت ، ٦٠ ، ٩)
ـ إنّما خلق الخلق بعضهم لبعض عبرا وعظة ؛ فيكون في عقوبة العصاة ووعيدهم مزجر لغيرهم وموعظة ، ولغير ذلك من الوجوه (م ، ت ، ٩٠ ، ٥)
ـ ليس في خلق الله قبيح (م ، ت ، ١٨٥ ، ١١)
ـ لو لم يكن في خلق الله قبيح لم يكن لتحويل