حسب ترتيبه ،
كالصانع الذي يصوغ حلقة من رصاص مثالا ثم يصوغ حلقة من ذهب عليها ، وكالبنّاء
يقدّر ويفرض رسوما وتقديرات في الأرض وخطوطا ثم يبني بحسبها ، والوجه الثاني أنّه
يريد بامتثله احتذاه وتقبّله واتّبعه ، والأصل فيه امتثال الأمر في القول ، فنقل
إلى احتذاء الترتيب العقليّ ، فيكون التقدير أنّه لم يمثّل له فاعل آخر قبله مثالا
اتّبعه واحتذاه وفعل نظيره كما يفعل التلميذ في الصباغة والنجارة شيئا قد مثّل له
أستاذه صورته وهيئته (أ ، ش ٢ ، ١٤٣ ، ٢٦)
ـ يقول عليهالسلام (علي) إنّه ابتدع
الخلق على غير مثال قدّمه لنفسه ولا قدّم له غيره ليحتذي عليه ، وأرانا من عجائب
صنعته ومن اعتراف الموجودات كلها بأنّها فقيرة محتاجة إلى أن يمسكها بقوّته ما
دلّنا على معرفته ضرورة ، وفي هذا إشارة إلى أنّ كل ممكن مفتقر إلى المؤثّر ،
ولمّا كانت الموجودات كلها غيره سبحانه ممكنة ، لم تكن غنية عنه سبحانه بل كانت
فقيرة إليه ، لأنّها لولاه ما بقيت ، فهو سبحانه غني عن كل شيء ولا شيء من الأشياء
مطلقا بغنى عنه سبحانه ، وهذه من خصوصية الإلهية (أ ، ش ٢ ، ١٤٤ ، ٧)
ـ قال (علي) :
وأقام العوج وأوضح الطريق وجمع بين الأمور المتضادّة ، ألا ترى أنّه جمع في بدن
الحيوانات والنبات بين الكيفيات المتباينة المتنافرة من الحرارة والبرودة والرطوبة
واليبوسة ، ووصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها ، لأنّ اعتدال المزاج أو القرب من
الاعتدال سبب بقاء الروح ، وفرّقها أجناسا مختلفات الحدود والأقدار والخلق
والأخلاق والأشكال ، أمورا عجيبة بديعة مبتكرة الصنعة غير محتذ بها حذو صانع سابق
، بل مخلوقة على غير مثال قد أحكم سبحانه صنعها وخلقها على موجب ما أراد ، وأخرجها
من العدم المحض إلى الوجود ، وهو معنى الابتداع (أ ، ش ٢ ، ١٤٦ ، ٢٧)
ابتدع
ـ إنّ الله عزوجل خلق الأشياء وابتدعها مخترعا لها لا من شيء ولا على أصل
متقدّم ، وإذ لا شكّ في هذا فليس شيء متوهّم أو مسئول يتعذر من قدرة الخالق عزوجل ، إذ كل ما شاء كونه كوّنه ولا فرق بين خلقه عزوجل كل ذلك في هذه الدار ، وبين خلقه كذلك في الدار الآخرة (ح
، ف ٢ ، ١٠٧ ، ٣)
ابتلاء
ـ لله ابتلاءان في
خلقه ـ والابتلاء هو الاختبار ـ ابتلاء بنعمة وابتلاء بمصيبة. وبقدر عظمها يجب
التكليف من الله عليها. فبقدر ما خوّلك من النعمة يستأديك الشكر. ولو تقصّى الله
على خلقه لعذّبهم (ج ، ر ، ١٠ ، ٤)
ـ قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ
بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) (البقرة : ١٢٤).
قيل : الابتلاء والامتحان في الشاهد ؛ استفادة علم خفي عليه من الممتحن والمبتلي
به ، ليقع عنه علم ما كان ملتبسا عليه. وفي الغائب لا يحتمل ذلك ؛ إذ الله ـ عزوجل ـ (عالم) في الأزل
بما كان ، وبما يكون في أوقاته أبدا (م ، ت ، ٢٧٦ ، ١٣)
إبداء
ـ إنّ الإبداء
والإعادة متساويان في قدرة من هو قادر على الطرد والعكس من إخراج الميت من