الحياة والعقل والشهوة والمشتهى ، لأنّ جميع ذلك تفضّل منه تعالى ، وإحسان يستحقّ عليه المدح والشكر ، ولا يصحّ كونه مستحقّا لذلك إلّا وله صفة زائدة على كونه حسنا. ولو انتفى عنه كونه إحسانا لوجب كونه عبثا قبيحا ، فيجب فيما حلّ هذا المحلّ أن يختصّ بصفة زائدة على حسنه تجري مجرى الندب منّا. ومثال الوجه الثاني العقاب ، لأنّه من حيث كان مستحقّا يحسن فعله ، ولا يستحقّ تعالى به المدح والشكر ، فهو إذا بمنزلة المباح منّا. وكذلك القول في إعادة المعاقب ، وسائر ما يفعله تعالى لكي يفعل به العقاب. ومثال الوجه الأول تمكين المكلّف وإثباته ؛ لأنّه تعالى بالتكليف قد التزم فعل ذلك ، فلا بدّ من كونه واجبا ، ولو فعله لا على الوجه الذي يقتضي وجوبه لأدّى ذلك إلى كونه سبحانه مخلّا بالواجب وهذا في أنّه يمتنع عليه بمنزلة فعل القبيح. فعلى هذه الوجوه يجب أن يعتبر القول في أفعاله تعالى (ق ، غ ١١ ، ٦٨ ، ٦)
ـ لا بدّ للواجب من وجه يجب لأجله ، ومتى لم يعلم ذلك على جمله أو تفصيله ، لم يحصل العلم بوجوبه ، وليس لابتداء الخلق وجه يمكن تعليق الوجوب به ، فيجب نفي وجوبه (ق ، غ ١٤ ، ١١٠ ، ١٩)
ابتداء الخلق في الجنة ـ إنّه يحسن منه تعالى أن يبتدئ الخلق في الجنّة ، وأن يخلقهم بصفة البهائم ، أو بصفة العقلاء الذين لا يحسن تكليفهم للإلجاء ، وما يجري مجراه (ق ، غ ١١ ، ١٣٧ ، ١٣)
ابتداء عدل
ـ كان (الأشعري) يقول في العقاب إنّه ابتداء عدل من الله تعالى لم يوجبه سبب متقدّم من كفر ومعصية ، بل كان كفر الكافر بخذلانه وحرمانه وإضلاله ، وإنّه لو عفا عن الكفّار جميعا وأدخلهم الجنّة كان ذلك لائقا برحمته غير منكر في حكمته ، ولكنّا إنّما قطعنا بعذابهم على طريق التأبيد للخبر المجمع على عمومه. وقطعنا بثواب المؤمنين على التأبيد للخبر الذي قارنه الإجماع على تعميم صورته وصيغته ، فقضينا به وحكمنا أنّ ذلك كائن لهم لا محالة. وبيّنا لك أنّه كان يجوّز في العقل أن يعفو الله تعالى عن واحد ويعاقب من كان على مثل جرمه ولا يكون ذلك منه جورا ، بل العفو منه تفضّل وتركه ليس بجور (أ ، م ، ١٦٣ ، ١٣)
ابتداء فضل
ـ إنّ الثواب من الله تعالى ابتداء فضل غير مستحقّ للمؤمن عليه بعمله ، بل عمل المؤمن بالطاعة له ابتداء فضل منه وتوفيق له ، وإنّه لا يصحّ أن يستحقّ أحد على الله تعالى حقّا بعمله ومن قبله بوجه إلّا ما أوجب الله تعالى للمؤمنين بفضله ابتداء ، لا لسبب متقدّم. وعلى ذلك كان يجوز أن يتفضّل على من لم يعمل ولم يطع فيبلغ به ثواب المطيع ويزيده أيضا ، وأن يتفضّل على أحدهما بأكثر ممّا يتفضّل على غيره (أ ، م ، ١٦٣ ، ٨)
ابتداع
ـ قوله ابتدع الخلق على غير مثال امتثله يحتمل وجهين : أحدهما أن يريد بامتثاله مثله كما تقول صنعت واصطنعت بمعنى ، فيكون التقدير أنّه لم يمثّل لنفسه مثالا قبل شروعه في خلق العالم ، ثم احتذى ذلك المثال وركّب العالم على