ـ اعلم أنّ الحقيقة تنقسم بحسب المواضع التي تكون حقيقة فيها ، وبحسب إطلاق فائدتها وكونها مشروطة ، وبحسب كيفية دلالتها. فأمّا الأول ، فهو أنّ الحقيقة إمّا أن تكون لغويّة وإمّا عرفيّة وإمّا شرعيّة. لأنّ اللفظ إذا أفاد المعنى على سبيل الحقيقة ، فإمّا أن يفيده بمواضعة شرعية ، أو غير شرعية بل لغوية. واللغوية ضربان : إمّا أصلية أو طارئة وهي العرفيّة. والمجاز أيضا قد يكون مجازا في اللغة ، أو في العرف ، أو في الشرع. وأمّا القسمة الثانية ، فهي أنّ اللفظة إذا أفادت فائدة على الحقيقة ، فإمّا أن تفيدها على الإطلاق وإمّا بشرط. فالأول كقولنا" طويل" يفيد ما اختصّ بالطول في أي جسم كان. وهذا ضربان : أحدهما يفيد فائدة واحدة ، والآخر يفيد أكثر من فائدة واحدة. والثاني نحو قولنا" أبلق" ، يفيد اجتماع البياض والسواد بشرط أن يكون في الخيل. وأمّا القسمة الثالثة فهي أنّ الحقيقة إمّا أن تكون اسما أو فعلا أو حرفا. وذلك أنّها إمّا أن تستقل إفادتها بنفسها ، ولا تفيد على طريق التبع ؛ وإمّا أن تفيد على طريق التبع ، ولا تستقلّ بنفسها. كالحرف فإنّه يفيد فائدة ما دخل عليه ، نحو الفاء المفيدة للتعقيب بين شيئين ، والواو المفيدة للجمع. والأول ضربان : أحدهما يفيد ما يفيده مع زمان وهو الفعل ، والآخر يفيد بلا زمان هو الاسم (ب ، م ، ١٩ ، ٩)
ـ اعلم أنّ من أحكام الحقيقة والمجاز أنّهما لا يدخلان أسماء الألقاب ، لأنّ الحقيقة هي ما أفيد بها ما وضعت له. والمجاز هو ما أفيد به معنى غير ما وضع له ، على ما تقدّم. ونعني بقولنا" ما وضعت له" وضع أهل اللغة. وكون اللفظ حقيقة ومجازا تبعا لكونها موضوعة لشيء قبل استعمال المستعمل ، حتى إن استعملها المستعمل في معنى آخر ، كانت مجازا. وأسماء الألقاب لم تقع على مسمّياتها المعيّنة بوضع من أهل اللغة ولا من الشرع ، حتى يكون من اتّبعهم فيها في أصل موضوعهم كان قد استعملها على الحقيقة ؛ ومن استعملها فيه على طريق التبع كان متجوّزا بها (ب ، م ، ٣٤ ، ١٢)
ـ الحدّ والحقيقة على أصل نفاة الأحوال عبارتان عن معبّر واحد ، فحدّ الشيء حقيقته ، وحقيقته ما اختصّ في ذاته عن سائر الأشياء ، ولكل شيء خاصيّة بها يتميّز عن غيره ، وخاصيّته تلزم ذاته ولا تفارقه ولا يشترك فيها بوجه ، وإلّا بطل الاختصاص (ش ، ن ، ١٣٥ ، ١٥)
حقيقة الشيء
ـ حقيقة الشيء عنده نفس الشيء إذا كان فيما يوصف به الشيء ويرجع إلى نفسه. وحقيقته معناه الذي يشتقّ الوصف منه إذا كان جاريا مجراه ، كقولنا" أسود" و" متحرّك" و" طويل" و" قصير" و" عالم" و" قادر" و" متكلّم" ، حقيقة جميع ذلك وما يجري مجراه معانيه التي منها تشتقّ هذه الأوصاف (أ ، م ، ٢٦ ، ١٣)
حكاية
ـ إنّ في الجملة التي نوردها في أحكام الكلام ليس المقصد بها إلّا بيان ما يتّصل بالقرآن ، فإنّه الدلالة على الأحكام. واختلف في هذا المسموع هل هو نفس ما أحدثه الله تعالى ، فتكون الحكاية هي المحكي ، أو هو على مثل الصورة التي فعلها الله تعالى ، ابتداء ، فتكون