(ح ، ف ٣ ، ٦٦ ، ١٠)
ـ إذا لا سبيل إلى أن يكون مع الباري تعالى في الأزل شيء موجود أصلا قبيح ولا حسن ، ولا عقل يقبح فيه شيء أو يحسن ، فقد وجب يقينا أن لا يمتنع من قدرة الله تعالى وفعله شيء يحدثه لقبح فيه ، ووجب أن لا يلزمه تعالى شيء لحسنه ، إذ لا قبح ولا حسن البتّة فيما لم يزل ، فبالضرورة وجب أنّ ما هو الآن عندنا قبيح فإنّه لم يقبح بلا أوّل ، بل كان لقبحه أوّل لم يكن موجودا قبله ، فكيف أن يكون قبيحا قبله ، وكذلك القول في الحسن ولا فرق (ح ، ف ٣ ، ١٠١ ، ٢)
ـ نقول إنّ الكفر والمعاصي هي في أنّها أعراض وحركات خلق لله تعالى ، حسن من خلق الله تعالى ، كل ذلك وهي من العصاة بإضافتها إليهم قبائح ورجس (ح ، ف ٣ ، ١٠٤ ، ١٠)
ـ لا قبيح إلّا ما قبّح الله ولا حسن إلّا ما حسّن الله ، وأنّه لا يلزم لأحد على الله تعالى حق ولا حجّة ، ولله تعالى على كل من دونه وما دونه الحق الواجب والحجّة البالغة ، لو عذّب المطيعين والملائكة والأنبياء في النار مخلّدين لكان ذلك له ، ولكان عدلا وحقّا منه ، ولو نعم إبليس والكفّار في الجنّة مخلّدين كان ذلك له وكان حقا وعدلا منه ، وإنّ كل ذلك إذ أباه الله تعالى وأخبر أنّه لا يفعله صار باطلا وجورا وظلما (ح ، ف ٣ ، ١٠٥ ، ٦)
ـ نسألهم فنقول عرّفونا ما هذا القبيح في العقل ، أعلى الإطلاق ، فقال قائلون من زعمائهم منهم الحارث بن علي الورّاق البغداديّ وعبد الله ابن أحمد بن محمود الكعبي البلخيّ وغيرهما ، إنّ كل شيء حسن بوجه ما قلت يمتنع وقوع مثله من الله تعالى لأنّه حينئذ يكون حسنا ، إذ ليس قبيحا البتّة على كل حال ، وأمّا ما كان قبيحا على كل حال فلا يحسن البتّة فهذا منفي عن الله عزوجل أبدا ، قالوا ومن القبيح على كل حال أن تفعل بغيرك ما لا تريد أن يفعل بك ، وتكليف ما لا يطاق ثم التعذيب عليه (ح ، ف ٣ ، ١٠٥ ، ٢٤)
ـ العقل لا يدلّ على حسن شيء ولا قبحه في حكم التكليف ، وإنّما يتلقى التحسين والتقبيح من موارد الشرع وموجب السمع. وأصل القول في ذلك أنّ الشيء لا يحسن لنفسه وجنسه وصفة لازمة له ، وكذلك القول فيما يقبح وقد يحسن في الشرع ما يقبح مثله المساوي له في جملة أحكام صفات النفس. فإذا ثبت أنّ الحسن والقبح عند أهل الحق لا يرجعان إلى جنس وصفة نفس ، فالمعنى بالحسن ما ورد الشرع بالثناء على فاعله ، والمراد بالقبيح ما ورد الشرع بذمّ فاعله (ج ، ش ، ٢٢٨ ، ٨)
ـ المعتزلة قسّموا الحسن والقبيح ، وزعموا أنّ منها ما يدرك قبحه وحسنه على الضرورة والبديهة من غير احتياج إلى نظر ، ومنها ما يدرك الحسن والقبح فيه بنظر عقلي. وسبيل النظر عندهم اعتبار النظريّ من المحسنات والمقبحات بالضروريّ منها ؛ بل يعتبر مقتضى التقبيح والتحسين في الضروريّات فيلحق بها ، ثم يرد إليها ما يشاركها في مقتضياتها. فالكفر عندهم معلوم قبحه على الضرورة ، وكذلك الضرر المحض الذي لا يتحصّل فيه غرض صحيح ، إلى غير ذلك من تخيّلاتهم (ج ، ش ، ٢٢٩ ، ١)
ـ أمّا الحسن ، فحظ المعني منه أنّ الفعل في حق الفاعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام : أحدها أن يوافقه أي يلائم غرضه ، والثاني أن ينافر غرضه