يحسن إذا أدّى إلى أيّ منفعة كان متى عري من وجوه القبح. فإذا صحّت هذه الجملة حسن من القديم تعالى أن يخلق الخلق لينفعه على بعض الوجوه التي قدّمناها أو كلّها (ق ، غ ١١ ، ١٠١ ، ١٠)
ـ إنّ العلم حسن وكذلك النظر ، وردّ الوديعة ، والقصد لا يؤثّر فيها ، لأنّ ذلك إذا ثبت وجب مثله في إيصال النفع المحض إلى غيره ، وإن لم يكن له قصد. وإذا كان الظلم يقبح وإن لم يقصد إليه فكذلك النفع الخالص لا يمتنع أن يختصّ وإن لم يرد (ق ، غ ١١ ، ٢٣٤ ، ٩)
ـ بيّنا بوجوه كثيرة أنّ القبيح والحسن والواجب لا يجوز أن يختصّ بذلك من جهة السمع ، وأنّ من لا يعرف السمع ولم يستدلّ على صحّته ، ويعرف أحكام هذه الأفعال ولو لم يتقدّم له العلم بها ، لم يكن ليصحّ أن يعرف السمعيّات أصلا ، بل كان لا يصحّ أن يعرف النبوّات (ق ، غ ١٢ ، ٣٥٠ ، ١١)
ـ إنّا لا ننكر أن يحسن الشيء لوجهين ؛ وكما قد يحسن لدفع الضرر وللنفع والاستحقاق ـ وإن كانت هذه الوجوه مختلفة ، لأنّ الاستحقاق لا يقوم مقام النفع في مقابلة الضرر ـ فكذلك لا يمتنع في الظنّ عندنا أن يحسن لأجل تحمّل المضار على بعض الوجوه (ق ، غ ١٣ ، ٢٩٤ ، ١٢)
ـ قد بيّنا من قبل أنّ الحسن ليس بحسن لوجه يقتضي حسنه ، كما أنّ القبيح يقبح لثبوت وجه يقتضي قبحه ، ودللنا على ذلك بأنّه لا وجه يشار إليه يحسن لأجله إلّا وقد ثبت. ولا يكون حسنا لحصول وجه من وجوه القبح فيه. وبيّنا أنّ فائدة كونه حسنا تتضمّن النفي ، وفائدة كونه قبيحا تتضمّن الإثبات. فيجب فيما يتضمّن الإثبات طلب وجه يثبت لأجله دون ما يتضمّن النفي. ألا ترى أنّ كونه قبيحا يقتضي صحّة استحقاق الذمّ بفعله ، وكونه حسنا يقتضي أن لا يستحقّ ذلك ، فيجب أن يعتبر في حسنه انتفاء وجوه القبح عنه إذا وقع على وجه يكون لوجوده من الحكم ما ليس لعدمه. وإذا ثبت ذلك صحّ ما قلناه من أنّ الضرر عند بعض هذه الوجوه يحسن من حيث يتضمّن ذلك زوال وجوه القبح ، لا لأنّه وجه لحسنه ؛ كما أنّ الصدق إذا حصل فيه نفع يحسن لا لأنّه وجه لحسنه ، لكن لأنّه يتضمّن زوال وجوه القبح عنه (ق ، غ ١٣ ، ٣١٦ ، ١٠)
ـ إنّ الحسن لا يحسن في الحقيقة لوجه يشار إليه حتى يصير فيه كالقبيح فيما له يقبح. ولا شيء نقول لأجله إنّ الفعل يحسن إلّا وقد يحصل. ولا يكون حسنا لثبوت وجه من وجوه القبح فيه. وإذا صحّ ذلك فالذي معه تنتفي وجوه القبح عن المضرّة هو العلم بالنفع الذي فيه وما يقوم مقامه دون نفس النفع لأنّ النفع متى حصل فيه ولم يعلمه ولا ظنّه لم يؤمن كونه ظلما (ق ، غ ١٣ ، ٣١٩ ، ٨)
ـ إنّ الشيء لا يجب أن يعتبر في قبحه بحسن ضدّه ، ولا في حسنه بقبح ضدّه ، بل يجب أن يعتبر في نفسه ، على ما قدّمنا القول فيه ، ويفارق ذلك ما نقوله من أن ترك الواجب المعيّن يقبح لأنّه تركه. وذلك لأنّا لا نحكم بقبحه لأنّ ضدّه حسن ، لأنّه كان يجب قبح ترك الفعل والمباح أيضا ، وإنّما يحكم بقبحه ، لما فيه من المنع من وجود الواجب والامتناع منه ، على ما شرحناه من قبل (ق ، غ ١٧ ، ٣١ ، ٨)
ـ أمّا الحسن فقد يوصف بأنّه مباح إذا عرف فاعله بأنّه لا تبعة عليه فيه ، وأنه لا يستحقّ به