تعالى ، والعقاب واجب على مقترف الكبيرة إذا لم يتب عنها. ولا يجب العقاب عند الأكثرين وجوب الثواب ؛ لأنّ الثواب لا يجوز حبطه والعقاب يجوز إسقاطه عند البصريين وطوائف من البغداديين ؛ ولكن المعنى بكونه مستحقا عندهم أن يحسن لوقوعه مستحقّا ، ولو لم يكن كذلك لما حسن العقاب على التأبيد ، فهذا حقيقة أصلهم (ج ، ش ، ٣٢١ ، ٨)
ـ الثواب هو الجزاء على الأعمال الحسنة ، والعوض هو البدل عن الفائت كالسلامة التي هي بدل الألم (ش ، ن ، ٤٠٦ ، ٧)
ـ وجوب النظر سمعيّ ، خلافا للمعتزلة وبعض الفقهاء من الشافعيّة والحنفيّة. لنا قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء : ١٥) ، ولأنّ فائدة الوجوب الثواب والعقاب ، ولا يقبح من الله تعالى شيء من أفعال ، فلا يمكن القطع بالثواب والعقاب من جهة العقل ، فلا يمكن القطع بالوجوب (ف ، م ، ٤٢ ، ١٥)
ـ الثواب أمر أخصّ من المنافع والنعيم لأنّه منافع يقترن بها التعظيم والتبجيل ، وهذا الأمر الأخصّ لا يحسن إيصاله إلّا إلى أرباب العمل (أ ، ش ٢ ، ١٢١ ، ٢٢)
ـ مذهب أصحابنا أنّ الله تعالى لمّا كلّف العباد التكاليف الشاقّة وقد كان يمكنه أن يجعلها غير شاقّة عليهم بأن يزيد في قدرهم ، وجب أن يكون في مقابلة تلك التكاليف ثواب ، لأنّ إلزام الشاقّ كإنزال المشاق ، فكما يتضمّن ذلك عوضا وجب أن يتضمّن هذا ثوابا ، ولا بدّ أن يكون في مقابلة فعل القبيح عقاب ، وإلّا كان سبحانه ممكنا الإنسان من القبيح مغريا له بفعله ، إذ الطبع البشري يهوى العاجل ولا يحفل بالذمّ ، ولا يكون القبيح قبيحا حينئذ في العقل ، فلا بدّ من العقاب ليقع الانزجار (أ ، ش ٤ ، ٤٠٨ ، ٢٤)
ـ البصريّة : والثواب واجب على الله لاستحقاقه عقلا وسمعا. البلخيّ : لا بل وجوب جود. قلنا : يستلزم قبح التكليف الشاق (م ، ق ، ١٢١ ، ٦)
ـ الثواب والعقاب مستحقّان. الكراميّة وابن الراونديّ : سمعا فقط. قلنا : خلق الحكيم شهوة القبيح يستلزم حسن المعاقبة عليه وإلّا كان مغريا به ، ثم إنّ الإيجاب لمجرّد الإثابة لا يحسن إذ لا يجب طلب النفع ، فلا بدّ من وجه للإيجاب وهو التحرّز من المضار. قلت : إلّا أنّ هذا مركّب من العقل والسمع. قاضي القضاة : استحقاق العقاب يعلم عقلا والشرع مؤكّد. أبو رشيد : ويجوز دلالة الشرع عليه. لنا : إنّما وجبت المعرفة ليحصل بها اجتناب المعاصي ، وثمرته التحرّز من العقاب ، فمهما لم يعلم استحقاقه لم يصحّ ذلك (م ، ق ، ١٢١ ، ٩)
ثواب التوبة
ـ إنّ الإنسان إذا وقع منه القبيح ثم ساءه ذلك وندم عليه وتاب حقيقة التوبة ، كفّرت توبته معصيته ، فسقط ما كان يستحقّه من العقاب وحصل له ثواب التوبة. وأمّا من فعل واجبا واستحقّ به ثوابا ثم خامره الإعجاب بنفسه ، والإدلال على الله تعالى بعلمه ، والتيه على الناس بعبادته واجتهاده ، فإنّه يكون قد أحبط ثواب عبادته بما شفعها من القبيح الذي أتاه ، وهو العجب والتيه والإدلال على الله تعالى ، فيعود لا مثابا ولا معاقبا لأنّه يتكافأ الاستحقاقان ، ولا ريب أنّ من حصل له