العالم. والذي نرتضيه أن البقاء يرجع إلى نفس الوجود المستمرّ من غير مزيد ؛ ولو لم نسلك هذا المسلك للزمنا أن نصف الصفات الأزلية بكونها باقية ، ثم نثبت لها بقاء ، ويجر سياق هذا القول إلى قيام المعنى بالمعنى. ثم لو قدّرنا بقاء قديما ، للزمنا أن نصفه ببقاء ، ثم يتسلسل القول (ج ، ش ، ١٣٣ ، ٦)
ـ المعتزلة نفوا البقاء ، وزعموا أنّ معظم الأعراض باقية ، وما يعدم من الباقيات ، فإنّما يعدم بضدّ يطرأ عليه ، ووافقونا في استحالة بقاء الأصوات والإرادات في خبط طويل. وزعموا أنّ الجواهر تعدم ، بأن يخلق الله تعالى فناء في غير محلّ يضادّ الجوهر ، وهو في نفسه عرض قائم بنفسه ، ثم يستحيل عندهم فناء بعض الجواهر وبقاء بعضها (ج ، ش ، ١٣٤ ، ١٠)
ـ المعقول من البقاء صفة تقتضي ترجيح الوجود على العدم ، هذا إنّما يعقل في حق ممكن الوجود ، فواجب الوجود لذاته يستحيل أن يكون رجحان وجوده على عدمه معلّلا بمعنى ، وأيضا فذلك البقاء لا شكّ أنّه باق ، فإن كان باقيا ببقاء آخر لزم إمّا التسلسل وإمّا الدور ، إن كان باقيا ببقاء الذات التي فرضناها باقية بذلك البقاء ، وإن كان باقيا بنفسه وبكون الذات باقية مفتقرة إليه انقلب الذات صفة والصفة ذاتا وهو محال ، وأمّا في الشاهد فليس بمعنى أيضا ، لأنّ شرط حصوله في الجوهر حصول الجوهر في الزمان الثاني ، فلو افتقر حصول الجوهر في الزمان الثاني إليه لزم الدور (ف ، م ، ١٣٠ ، ١١)
ـ أمّا البقاء : فليس زائدا على معنى" استمرار الوجود" ، فمعنى قولنا : إنّ الشيء باق أنّه مستمرّ الوجود ، وإنّه ليس بباق أنّه غير مستمرّ الوجود ، وذلك لا يزيد على نفس الوجود فيما يعرض من الأحوال المعدّدة المسرمدة (م ، غ ، ١٣٦ ، ٣)
ـ إنّ البقاء مقارنة الوجود لأكثر من زمان واحد بعد الزمان الأوّل ، وذلك لا يعقل فيما لا يكون زمانيّا (ط ، م ، ٢٩٣ ، ٨)
ـ أمّا كون البقاء باقيا أو غير باق ، فإن كان باقيا فبقاؤه إمّا بذاته أو بغيره ، فحكمه حكم الأمور الاعتباريّة التي توجد في العقل فقط وتنقطع عند عدم الاعتبار (ط ، م ، ٢٩٣ ، ١٤)
ـ البقاء صفة ترجّح الوجود وهو واجب ، وأيضا فبقاؤها ، إمّا بنفسها فهي أقوى ، أو بالذات ، ويدوّر ، أو بآخر ويتسلسل ويدوّر (خ ، ل ، ١٠٢ ، ٨)
بقاء الشيء
ـ دليل السمع يبيّن أنّ الفناء لا يبقى فليس لأحد أن يقول : إذا كان الفناء متى وجد بقي فكيف يصحّ وصفه ـ تعالى ـ بأنّه الآخر ، ولا له أن يقول : إذا كان الجوهر يبقى فكذلك ضدّه ؛ لأنّ بقاء الشيء لا يجب أن يشترك فيه المتضادّات ؛ كما لا يجب اشتراكها في الخروج من العدم إلى الوجود (ق ، غ ١١ ، ٤٥٠ ، ١٧)
بقاء القدر
ـ في جواز بقاء القدر : اعلم أنّ من ذهب إلى أنّ القدرة لا تكون إلّا مع الفعل لم يجوّز بقاءها أصلا بل أوجب تجدّدها حالا فحالا. وفيمن قال بتقدّمها للفعل من زعم أنّها لا تبقى ، على ما يقوله البغداديون في أن شيئا من الأعراض لا يصحّ عليه البقاء. والذي اعتمده شيوخنا