والمحدث في حال
كونه بالحدوث ليس بباق ، وفي الوقت الثاني هو باق لأنّه كائن في الوقت الثاني لا
بحدوث (ش ، ق ، ٣٦٨ ، ١١)
ـ قال آخرون
منهم" الاسكافي" : معنى القول في المحدث إنّه باق أنّه وجد حالين ومرّ
عليه زمانان ، فأمّا القديم فليس ذلك معنى القول فيه أنّه باق ، لأنّه لم يزل
باقيا على الأوقات والأزمان (ش ، ق ، ٣٦٨ ، ١٤)
ـ إنّ البارئ لم
يزل باقيا في الحقيقة بنفسه لا ببقاء ، ومعنى أنّه باق أنّه كائن لا بحدوث (ش ، ق
، ٥٢٩ ، ٧)
ـ إنّ الله سبحانه
باق. ومعنى ذلك : أنّه دائم الوجود (ب ، ن ، ٣٧ ، ٢٠)
ـ اعلم أنّه (الأشعري)
كان يقول إنّ الباقي إنّما كان باقيا لأنّ له بقاء ، ويقول إنّ ذلك معناه وهو حدّه
وحقيقته. وكان يأبى قول من ذهب من أصحابنا إلى أنّ معنى الباقي من قام به البقاء ،
وكان لا يشترط في بقاء الباقي قيامه به كما يشترط في علم العالم وكلام المتكلّم
قيامهما به ، ويقول إنّه لا ينكر أن يكون الباقي باقيا ببقاء قائم بذات لا يقال
إنّه هو الباقي به. وذلك أنّ من قوله إنّ صفات البارئ تعالى باقية ببقاء قائم
بالبارئ (أ ، م ، ٢٣٧ ، ٣)
ـ يوصف ، جلّ وعزّ
، بأنّه باق ؛ ويراد به أنّه موجود وأنّ وجوده غير متجدّد ؛ لأنّ هذه اللفظة تفيد
هذا المعنى ؛ وإنّما وضعوها للتفرقة بين الموجود الذي يتجدّد وجوده وبين الموجود
الذي لا يتجدّد وجوده (ق ، غ ٥ ، ٢٣٦ ، ١٥)
ـ إنّ فناء
الجواهر لا يصحّ إلّا بضدّ قد ثبت أنّ الباقي لا ينتفي مع جواز الوجود عليه إلّا
بضدّ ، أو ببطلان ما يحتاج إليه في الوجود أو البقاء ؛ لأنّه متى لم يحدث ما
ذكرناه لم يكن بأن ينتفي أولى منه بأن يبقى ، ويستمرّ له الوجود. فإذا صحّ ذلك ،
وثبت في الجواهر أنّه يجوز البقاء عليها ، وأنّه لا حال يشار إليها إلّا ويجوز أن
تبقى إليه ، وثبت أنّه لا يحتاج في وجودها إلى غيرها ؛ لأن الشيء إنّما يحتاج في
وجوده إلى غيره إذا كان حالّا فيه ، فأمّا على خلاف هذا الوجه فإنّه لا يحتاج
الشيء إلى غيره ، وإن صحّ حاجة الشيء إلى غيره متى تعلّق الحكم الموجب عنه يحكم
غيره ؛ كحاجة الإرادة إلى الاعتقاد. وقد علمنا أن هذه الوجوه مستحيلة على الجواهر
؛ لأنّ الحلول عليها مستحيل ، ويستحيل عليها أن توجب حكما لغيرها. فإذا صحّ ذلك
ثبت أن انتفاءها لا يكون إلّا بضدّ (ق ، غ ١١ ، ٤٤١ ، ١٤)
ـ إنّ الباقي ليس
له بكونه باقيا حال وصفة ، فضلا عن أن يقال إنّه تجدّد مع جواز أن لا يتجدّد. وهذا
الحكم تابع لثبوت الصفة ، فإذا لم تثبت الصفة فلا حكم. ثم إن الباقي لو كان له
بكونه باقيا حال لما أمكن أن تعترض به دلالتنا ، لأن ذلك مما إذا صحّ وجب ، وكل
صفة إذا كانت مما إذا صحّت وجبت استغنت عن العلّة كصفة العلّة ، وليس كذلك ما
قلناه ، لأنّه ليس مما إذا صحّ وجب (ن ، د ، ٥٥ ، ٦)
ـ إنّ الذي يدلّ
على أنّ الباقي ليس له بكونه باقيا حال ، ما قد ثبت أنّه لو كان له حال لوجب أن
يصحّ وجوده غير متجدّد الوجود ولا يكون باقيا ، ويصحّ وجود غيره غير متجدّد الوجود
ولا يكون باقيا أو يصحّ كونه باقيا من دون أن يكون غير متجدّد الوجود ، وكذلك يكون
غيره باقيا من دون أن يكون غير متجدّد الوجود ـ وفي علمنا بخلاف ذلك دلالة على أنّ
الباقي ليس له بكونه باقيا حال (ن ، د ، ٥٦ ، ٣)