ثم ذاك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذي ينشئ النشأة الآخرة ، فللدلالة والتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ (ز ، ك ٣ ، ٢٠٢ ، ٩)
ـ الإعادة في نفسها عظيمة ولكنّها هوّنت بالقياس إلى الإنشاء. وقيل الضمير في عليه للخلق ، ومعناه أنّ البعث أهون على الخلق من الإنشاء لأنّ تكوينه في حدّ الاستحكام والتمام أهون عليه وأقل تعبا وكبدا ، من أن يتنقّل في أحوال ويتدرّج فيها إلى أن يبلغ ذلك الحدّ ، وقيل الأهون بمعنى الهيّن. ووجه آخر وهو أنّ الإنشاء من قبيل التفضّل الذي يتخيّر فيه الفاعل بين أن يفعله وأن لا يفعله ، والإعادة من قبيل الواجب الذي لا بدّ له من فعله لأنّها لجزاء الأعمال وجزاؤها واجب ، والإفعال إمّا محال والمحال ممتنع أصلا خارج عن المقدور ، وإمّا ما يصرف الحكيم عن فعله صارف وهو القبيح ، وهو رديف المحال لأنّ الصارف يمنع وجود الفعل كما تمنعه الإحالة ، وإمّا تفضّل ، والتفضّل حالة بين بين للفاعل أن يفعله وأن لا يفعله ، وإمّا واجب لا بدّ من فعله ولا سبيل إلى الإخلال به ، فكأنّ الواجب أبعد الأفعال من الامتناع وأقربها من الحصول ، فلمّا كانت الإعادة من قبيل الواجب كانت أبعد الأفعال من الامتناع ، وإذا كانت أبعدها من الامتناع كانت أدخلها في التأتي والتسهّل ، فكانت أهون منها ، وإذا كانت أهون منها كانت أهون من الإنشاء (ز ، ك ٣ ، ٢٢٠ ، ٢١)
ـ أنشأناهنّ إنشاء : أي ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولادة ، فإمّا أن يراد اللاتي ابتدئ إنشاؤهنّ أو اللاتي أعيد إنشاؤهنّ (ز ، ك ٤ ، ٥٤ ، ٢٦)
إنشار
ـ الإنشار ، لأنّه لا يستحق هذا الاسم إلّا القادر على كل مقدور ، والإنشار من جملة المقدورات (ز ، ك ٢ ، ٥٦٧ ، ٦)
انفعال
ـ اتّصاف الشيء بتأثيره عن غيره وهو الانفعال (ف ، أ ، ٢٧ ، ٣)
انقطاع التكليف
ـ اعلم أنّ التكليف إذا كان الغرض به تعريض المكلّف للثواب ثم عرفنا أنّ اقتران الثواب بالتكليف لا يصحّ فلا بدّ من انقطاع التكليف عن المكلّف لينتهي حاله إلى حدّ يصحّ توفير الثواب عليه فيه. ثم الكلام فيما به يحصل هذا الانقطاع من الإماتة والإفناء (ق ، ت ٢ ، ٢٣٣ ، ٣)
ـ قد تقرر أنّه لا بدّ من انقطاع التكليف ليصحّ توفير الثواب على من يستحقّه إذ لو اتّصل التكليف لامتنع إيصال هذا الحقّ على الوجه الذي يستحقّ ، لأنّ من شأن التكليف أن لا يخلو من مشقّة ومن شأن الثواب أن يخلص من كل ما يشوب. فلم يكن بدّ من أن ينقطع التكليف. ووجب أيضا أن يكون انقطاعه عن حال الثواب على حدّ تزول معه طريقة الإلجاء وما يجري مجراه. ولا يكون كذلك إلّا بتراخ بين الحالين بعيد ، لأنّه مهما اتّصل الثواب بالتكليف كان الذي يدعو المكلّف إلى فعل الطاعات ما يرجوه من النفع أو دفع الضرر فلا يكون فاعلا لها للوجه الذي له وجبت. فحصل من هذه الجملة أنّه لا بدّ من انقطاع التكليف ومن أن يكون الانقطاع على هذا الحدّ من