مراد متعمّد مقصود ونحو هذه العبارات عن هذا المعنى في اللغة العربية التي نتفاهم بها (ح ، ف ٣ ، ٢٤ ، ٣)
اجتراح
ـ قال (أبو علي) : وقد يكون من فعل العبد ما هو مكتسب إذا كان خيرا أو شرّا اجتلبه بغيره من الأفعال ؛ فأمّا أوّل أفعاله فلا يقال فيه أنّه مكتسب وإنّما يسمّى اكتسابا. وقد يكون في أفعاله ما لا يكون اكتسابا إذا لم يكتسب به نفعا أو ضرّا ، كحركات الطفل والنائم والساهي. والاجتراح كالاكتساب ، ومعنى ذلك الاستفادة ، وإن كانت الاستفادة تستعمل في النفع فقط ؛ والاكتساب والاجتراح يستعملان في الضرر والنفع جميعا. وكل هذا يبيّن ، من جهة اللغة ، أنّ المكتسب لا بدّ من أن يكون فاعلا ومحدثا ؛ كما أنّ الخالق لا بدّ من كونه كذلك ؛ وإن كان كلتا الصفتين تغيّر أمرا زائدا على الحدوث ، ويدلّ على ذلك اطراد هذه اللفظة في المعنى الذي ذكرناه ، فلا شيء يجتلب بالأفعال ، ويطلب بها ، من نفع وضرّ ، إلّا ويقال إنّه كسب ؛ ويقال لما وصل به إليه إنّه اكتساب. ولذلك سمّوا الجوارح كواسب (ق ، غ ٨ ، ١٦٤ ، ١١)
اجتماع
ـ من قوله (النظّام) إنّ الله يفرّق المتضادات في هذه الدار ثم يردّها إلى حال الاجتماع لا بأن يخترع أعيانها ، وأنّ اجتماعها ثانية لا يدلّ على أنّ الذي جمعها اخترعها مجتمعة. وقد مضى شرح دليل إبراهيم بما يغني عن إعادته ثانية. وإنّما أراد إبراهيم أن تصريف هذه الأشياء ونفوذ التدبير فيها وصرفها عما في طبعها يدلّ على ضعفها ، وضعفها دالّ على حدثها ، وحدثها يوجب أنّ لها محدثا أحدثها إذ كان محالا أن يكون حدث لا محدث له (خ ، ن ، ٤١ ، ٦)
ـ أمّا ما حكيته عن إبراهيم أنّه كان يحيل القول بأنّ الله تعالى يقدر أن يخترع البرد مسخّنا والحرّ مبرّدا فهذا شيء أهل التوحيد كلهم يوافقونه عليه. وأمّا حكايته عنه أنّه يزعم أنّ الله قهر المتضادات على الاجتماع الذي ليس في جوهرها ، فإنّ إبراهيم كان يزعم أنّ الله قهر الأشياء المتضادات على الاجتماع الذي ليس في جوهرها إذا خلّيت وما هي عليه ، فأمّا إذا منعت مما هي عليه من المنافرة وقهرت على الاجتماع ، فإن من جوهرها وشأنها الاجتماع عند القهر لها كما أنّ من جوهرها وشأنها المنافرة عند تخليتها وما هي عليه ، وهذا شيء أكثر الخلق شركاء إبراهيم فيه وهو أمر واضح غير غامض ولا خفي. أنت تعلم أنّ من شأن الماء السيلان وقد يمكن منعه من ذلك ، وأنّ من شأن الحجر الثقيل الانحدار وقد يمنع منه ، ومن شأن النار التلهب والصعود علوا وقد تمنع من ذلك فتأخذ سفلا. فما على إبراهيم في هذا عيب والحمد لله (خ ، ن ، ٤١ ، ٢٢)
ـ كان (الأشعري) يقول إنّ التأليف والاجتماع والمماسّة والمجاورة والالتزاق والاتّصال كل ذلك ممّا ينبئ عن معنى واحد ، وهو كون الجوهر مع الجوهر بحيث لا يصحّ أن يتوسّطهما ثالث وهما على ما هما عليه ، وإنّ تعذّر تفكيك بعض الأجزاء دون بعض لأجل فقد قدرته لا لأجل معنى زائد على المماسّة والمجاورة (أ ، م ، ٣٠ ، ١)