استعانة
ـ اعلم أنّ الفزع إليه عزوجل والاستعانة به يدلّ على قولنا في المخلوق ، وذلك لأنّ العبد لو لم يكن يفعل في الحقيقة لم يكن للاستعانة معنى ، لأنّه إنّما يستعين بغيره على فعل يفعله ، ولذلك لا يصحّ الاستعانة على الأمور الضروريّة ، كاللون والهيئة والصحّة ، والاعتماد على ذلك في أن العبد يفعل في الحقيقة هو أولى (ق ، م ١ ، ٤١ ، ٧)
ـ إنّ الاستعانة تقتضي التماس المعونة من قبله ، ولا تدلّ على تفصيل المعونة ، وما يفعله عزوجل من الأمور المعينة على الطاعة أشياء كثيرة ، فمن أين أنّ المراد به القدرة دون غيرها؟! نحو الصحّة والخواطر والدواعي والتنبيه! وبعد ، فإن المراد به لو كانت القدرة لكان إنّما يدلّ على أنّها تتجدّد ، ولا يدلّ على أنّها مع الفعل ، وهذا مذهب كثير من أهل العدل (ق ، م ١ ، ٤٢ ، ١٢)
استعمال
ـ اختلفت المعتزلة هل تستعمل القوّة في الفعل أم لا على مقالتين : فأنكر" الجبّائي" أن تكون تستعمل في الفعل لأنّ الاستعمال زعم يحلّ في الشيء المستعمل ، وكان مع هذا يزعم أنّ الفعل واقع بها. وأنكر" عبّاد" الاستعمال ، وقال كثير من المعتزلة أنّها تستعمل في الفعل بمعنى أنه يعمل بها الفعل (ش ، ق ، ٢٣٥ ، ١٣)
استفادة
ـ قال (أبو علي) : وقد يكون من فعل العبد ما هو مكتسب إذا كان خيرا أو شرّا اجتلبه بغيره من الأفعال ؛ فأمّا أوّل أفعاله فلا يقال فيه أنّه مكتسب وإنّما يسمّى اكتسابا. وقد يكون في أفعاله ما لا يكون اكتسابا إذا لم يكتسب به نفعا أو ضرّا ، كحركات الطفل والنائم والساهي. والاجتراح كالاكتساب ، ومعنى ذلك الاستفادة ، وإن كانت الاستفادة تستعمل في النفع فقط ؛ والاكتساب والاجتراح يستعملان في الضرر والنفع جميعا. وكل هذا يبيّن ، من جهة اللغة ، أنّ المكتسب لا بدّ من أن يكون فاعلا ومحدثا ؛ كما أنّ الخالق لا بدّ من كونه كذلك ؛ وإن كان كلتا الصفتين تغيّر أمرا زائدا على الحدوث ، ويدلّ على ذلك اطراد هذه اللفظة في المعنى الذي ذكرناه ، فلا شيء يجتلب بالأفعال ، ويطلب بها ، من نفع وضرّ ، إلّا ويقال إنّه كسب ؛ ويقال لما وصل به إليه إنّه اكتساب. ولذلك سمّوا الجوارح كواسب (ق ، غ ٨ ، ١٦٤ ، ١٢)
استفساد
ـ إن قيل : هلّا قلتم : إنّ كل أمر وجد عنده القبيح فهو استفساد فيه ، فلا يصحّ أن تقولوا في تكليف من يعلم أنّه يكفر. إنّه ليس باستفساد. قيل له : إنّه لا معتبر بالعبارات فيما يحسن له الشيء ويقبح ، ويجب الاعتماد فيه على المعاني. وقد بيّنا الفصل بين الأمرين من حيث المعنى ، فلا يقدح في ذلك الاشتراك بينهما في الاسم ، وإن كنّا قد بيّنا أن ما لأجله يسمّى الشيء مفسدة أنّ عنده يختار الفساد على وجه لولاه كان يختار الصلاح عليه ، وذلك يقتضي أنّه إنّما سمّي بذلك ؛ لأنّه كالداعي إلى ما يقدر عليه وعلى غيره ، فهو بمنزلة الإغراء بالقبيح والتزيين له ، والترغيب فيه ، وليس