اتفاق
ـ إنّ المجاورة من صفات الأجسام وإنّ الحلول من أحكام الأعراض ، وأمّا الاتّفاق في المشيئة فعلى أي وجه قالوه اقتضى أن يكون المتّحد مريدا ، فيجب أن يكون هو الحيّ ، ويرجع الاتّحاد إليه لا إلى غيره من الأقانيم (ق ، ت ١ ، ٢٢٤ ، ١٢)
ـ أمّا ما يقع من أفعال العباد على جهة الاتفاق من غير قصد ، نحو ما يلحقه من الفزع عند الأمارات مما لا تتقدّم فيه الدواعي التي لا يقصد لأجلها إلى الأفعال ، فلا بدّ من أن يكون ممن يصحّ أن لا يفعله على بعض الوجوه ؛ فيدلّ ذلك على أنّه فعله ، هذا إن جاز أن يقع من غير قصدنا. فأمّا إن كان بمنزلة سائر ما يلجأ إليه من الأمور التي نريدها وإن كانت مفارقة لفعل المختار ، فلا كلام علينا فيه (ق ، غ ٨ ، ٤٦ ، ١٦)
ـ اعلم ، أنّ أحد ما يعتمد في مذهبه (الجاحظ) أن نقول : إنّ النظر ووقوع المعرفة عنده ، يجري في بابه مجرى ما يقع من الفعل بالحدس والاتفاق ، من غير قصد. وقد ثبت في كل فعل ، هذا حاله ، أنّه لا يجوز أن يستحقّ به الذمّ والمدح ، ولا يدخل تحت التكليف ، وذلك نحو أن نحكّ الذهب على المحكّ فنجده جيّدا أو رديئا. فاتّفاق ذلك لا يصحّ تعلّق المدح والذمّ به ؛ وإن وافق ، في بعض الأحوال ، الإرادة ؛ وكذلك لو هجم على بئر فوجد فيها كنزا ، لم يجز بذلك مدح ؛ وإذا التفت ورأى من يسرّه لم يجز أن يستحقّ به المدح ؛ لما كانت هذه الأمور تقع بالاتفاق من غير معرفة متقدّمة ، بأن الفعل يؤدّي إليه (ق ، غ ١٢ ، ٣٢٤ ، ١٠)
إتقان
ـ بيّن الله تعالى أنّ أفعاله كلها متقنة ، والإتقان يتضمّن الإحكام والحسن جميعا ؛ حتى لو كان محكما ولا يكون حسنا لكان لا يوصف بالإتقان (ق ، ش ، ٣٥٨ ، ٨)
إثبات
ـ الإثبات كل قول واعتقاد دلّ على وجود شيء أو كان خبرا عن وجوده ، ثم زعم صاحب هذا القول أنّ الإثبات في الحقيقة هو ما به كان الشيء ثابتا والنفي ما كان الشيء به منتفيا في الحقيقة ، وهذا القول هو قول" الجبّائي" (ش ، ق ، ٤٤٧ ، ٥)
ـ اعلم أنّه (الأشعري) كان يقول إنّ الإثبات هو الوجود والنفي هو الإعدام ، وإنّ قول القائل" أثبت الله العالم" فمعناه" أوجده" ، وقوله" نفى الله كذا وكذا" فمعناه" أعدمه". ثم يستعمل في الخبر عن العدم وفي الخبر عن الوجود ، فيقال لمن قال إنّ زيدا متحرّك إذا كان صادقا إنّه مثبت لحركته ، وقوله إنّه متحرّك إثبات لحركته ، وإنّ قوله" ليس زيد متحرّكا" إذا كان صادقا نفي لحركته وخبر عن عدم حركته (أ ، م ، ٢١٨ ، ٩)
ـ إنّ الإثبات ، في حقيقة اللغة ، ما يصير به الشيء ثابتا. ولذلك يقول القائل : أثبت السهم في القرطاس ؛ إذا أوجده فيه ، واستعمل ذلك في الخبر المفيد لثبات الشيء ووجوده (ق ، غ ١٢ ، ١٩ ، ١٦)
ـ النفي هو رفع الإثبات ، ورفع الإثبات لا يكون عين الإثبات ، ورفع الإثبات الخارجيّ إثبات ذهنيّ منسوب إلى لا إثبات خارجيّ ، وكونه في الذهن متصوّرا ومتميّزا عن غيره ومتعيّنا في