الشّيء أخيرا ؛ لأنّه زمانىّ ، والشّيء الزّمانىّ لا يكون إلاّ فى الزّمان الّذي وافق أن يكون فيه. فأمّا فى الفاعل الأوّل فقد كان لأنّه ليس هناك زمان ؛ فإن كان الشّيء الملاقى فى الزّمان المستقيل هو قائم هناك ، فلا محالة أنّه إنّما يكون هناك موجودا قائما ، كما أنّه سيكون فى المستقبل. فإن كان هذا هكذا ، فالشّيء إذن الكائن فى المستقبل هو هناك موجود قائم لا يحتاج فى تمامه (١٤٤) وكماله هناك إلى أحد الأشياء البتّة.
فالأشياء إذن عند البارى ـ جلّ ذكره ـ كاملة تامّة ، زمانيّة كانت أم غير زمانيّة ، وهى عنده دائما. وكذلك كانت عنده أوّلا ، كما تكون عنده أخيرا ، فالأشياء الزّمانيّة إنّما يكون بعضها من أجل بعض ، وذلك أنّ الأشياء إذا هى امتدّت وانبسطت وبانت عن البارى الأوّل كان بعضها علّة كون بعض ، وإذا كانت كلّها معا ولم تمتدّ ولم تبسط ولم تبن عن البارئ الأوّل لم يكن بعضها علّة كون بعض ، بل يكون البارئ الأوّل علّة كونها كلّها».
فهذا الآن ما عليه التّعويل فى الفتوى ؛ فاحفظ إلى حيث يحين أن يتلى عليك فى ضرب آخر من الذّكر تارة اخرى.
<١٧> تبصرة ...
أسمعت رؤساء الفلاسفة ومعلّميهم يقولون : إنّ للزّمان اسوة بالمكان ، وللمنتسب إلى الزّمان اسوة فى الأحكام بالمنتسب إلى المكان ، والزّمان والمكان متضاهيان بحسب الخواصّ وبحسب الامور المنسوبة إليهما ، وكلّ مكانىّ فهو زمانىّ البتة.
فاعلم أنّ ذلك ليس إلاّ على سبيل الحكمة الحقّة. فالزّمانىّ هو كلّ ما يصحّ أن يتعلّق بالزّمان بالفيئيّة أو المعيّة المنتهية إليها آخرا ، سواء كان ذلك له بالذّات أو بحسب معروضيّة الحركة أو بحسب التّوقّف على الحركة والتّخصّص بزمان دون زمان. فالمعتبر فيما ليس بزمانىّ هو عدم ذلك التعلّق بحسب نفس الأمر مطلقا ، لا