بجزءين من تلك الأجزاء ، وإلى الزّمان الّذي هو إليه والأقرب من أجزاء الماضى إليه بعد والأبعد قبل ، وفى المستقبل بالعكس. ولو لا الحركة بالفعل فى المسافة من حدود التّقدّم والتّأخّر للزّمان لما وجد للزّمان عدد. وهذه المعانى للعدّ غير معناه الرّابع المستعمل فى الهندسيّات ، وهو كون ما يقال له عادّ متعيّنا لما يقال له معدود بإسقاطه عنه مرّة بعد اخرى.
<١٩> توضيح
الآن بمعنى الطرف الوهمىّ للزّمان واصل بين حاشيتيه من حيث إنّه حدّ مشترك بينهما ، بل يتصل أحدهما بالآخر ، وفاصل من حيث إنّه حدّ يفصل المقدّم عن التّالى ؛ لكونه نهاية لذاك وبداية لذا. لكنّ الفصل لا يكون إلاّ فى الوهم.
وهذا الآن تتحصّل فعليّته الذّهنيّة بشعور دفعىّ بمماسّة جسم لآخر أو وصول مركز النيّر إلى محاذاة الافق أو شيء من أشباه ذلك ، وهو نفس طرف الزّمان ، لا شيء فى طرفه، وكذلك شاكلة الأطراف.
فالسّطح هو نفس ظاهر الجسم ، لا شيء فى ظاهره. والخطّ هو : نفس طرف السّطح وظاهره ، لا شيء هو كذلك ، وكذلك النّقطة.
فإذن ، سبيل الآن من الزّمان يشبه من وجه سبيل النّقطة من الخطّ. وهى للخطّ طرف ونهاية ، كما الخطّ للسّطح ، والسّطح للجسم. لكنّ الآن لا يوجد أصلا إلاّ بحسب التّوهّم على خلاف الأطراف ؛ والأطراف ربما تكون فاصلة ، والآن لا يكون إلاّ واصلا ولا يكون له تحقّق فى الأعيان بالفعل وإن لم يكن الزّمان فى جهة الماضى متماديا إلى لا نهاية بالفعل على ما سيتلى عليك إن شاء اللّه تعالى.
فإذن يشبه أنّ أحقّ ما يجب أن يحقّق فى أمر الآن هو أنّ نسبته إلى الزّمان نسبة النّقطة إلى الخطّ المستدير المتناهى مقدارا ، لا وضعا.