يرسم بحركته وسيلانه مسافة ما ، بل خطّا ما كأنّه ـ أعنى : ذلك الطرف ـ هو المنتقل. فقد تعرض للنّقطة مماسّة منقلة ، والمماسّة لا تحدث إلاّ فى آن ، فلا يصحّ تتالى المماسّات.
فإذن ، بين كلّ مماسّتين حركة وزمان ، فيوجد هناك لا محالة خطّ ينطبق عليهما. ثمّ ذلك الخطّ تنفرض فيه نقطة متوهّمة ، لا على أنّها فاعلته أو أجزاؤه ، بل على أنّها قائمة به واصلة بين أجزائه الوهميّة ؛ فالفاعلة للخطّ غير المتوهّمة فيه.
فهذا القول فى النّقطة وإن كان أمرا يقال للمتخيّل ، لا على أنّه [يكون] سبيلا محققا فى الوجود ؛ فإنّه إذا ماسّ الجسم جسما بنقطة ثمّ ماسّه باخرى تكون النّقطة الأولى قد بطلت بالحركة الّتي بينهما ؛ إذ المماسّة لا تثبت والجسم يكون بعد المماسّة كما كان قبل المماسّة ، فلا تبقى فيه نقطة ثابتة تكون مبدأ خطّ بعد المماسّة ولا يبقى امتداد بينها وبين آخرة المماسّة ؛ فإنّ تلك النّقطة إنّما هى نقطة بالمماسّة لا غير. فإذا بطلت تلك المماسّة بالحركة فكيف تبقى هى نقطة. وكيف يبقى الخطّ الّذي هى مبدأ له. وأيضا ما لم يكن هناك سطح موجود لم يصحّ للنّقطة حركة. فإذن يكون للسّطح والخطّ وجود قبل النّقطة ، فلا تكون حركة النّقطة علّة لوجود الخطّ ، بل هذه جميعا حدود متأخّرة عن وجود الجسم.
لكنّك إذا واعيت لحاظة أعانتك على التّدرّج إلى ما أنت الآن بسبيله ، فسهل عليك أن تحكم أنّ فى الحركة بمعنى القطع شيئا ، كالنّقطة الفاعلة للخطّ وأشياء كالنّقط المفروضة فيه الّتي لم تفعله بل تأخّرت عنه. وذلك الشّيء هو الحركة التّوسّطيّة ، وتلك الأشياء هى الحدود المفروضة فى الحركة القطعيّة إزاء للحدود المفروضة فى المسافة.
<١٧> تنصيص
كما تعرّفت ذلك فى الحركة فاحكم بمثله فى الزّمان أيضا. ففى الزّمان شيء راسم خارج عنه غير قائم به ولا بالحركة ، بل بموضوعها ، بسيط غير صالح للانقسام أصلا منطبقا على الحركة التّوسّطيّة ومكيال لها يقال لها الآن السّيّال. وهو أيضا