بالذّات ملزوم استحالة الموصوف بالذّات. وذلك لحصول الموصوف بما هو موصوف والصّفة بما هى صفة. ففى بقعة الادّعاء من دون برهان فاصل ؛ وإنّ جواز استلزام المحال محالا آخر ، لا على الإحاطة ، بل جزئيّا بحسب تحقّق العلاقة يعمّ المحال بالذّات والمحال بحسب استحالة الموقوف عليه.
والآن قد فرغنا من استقصاء النّظر فى عناصر العقود والأحكام وخواصّ لموضوعاتها ، أعنى : الواجب بالذّات والممتنع بالذّات والممكن بالذّات. فعلى ذلك فلنختم القول فى «المسافة الخامسة» من «الصّرحة الأولى» من كتاب الافق المبين واسطرلاب الحقّ وفرجار اليقين ، ونأخذ إلى «المسافة السّادسة» ، حامدين لبارئنا الحقّ العليم الحكيم القيّوم الواجب بالذّات ـ جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه ـ بلساننا الدّاثر الجسمىّ وبلساننا الباقى العقلىّ حمدا تامّا بليغا كثيرا متواترا متوافرا ، يسمك وراء مسموكات عقول الحامدين ويرفع فوق سماوات نفوس العارفين ، عدد علمه وحكمته وزنة حلمه وقدرته وسعة فضله ورحمته ، حمدا يطوى قصوى فدفد الغاية ويبلغ أقصى أمد النّهاية ويوازى إحاطة حقوق المنن العظيمة الباهرة الرّبوبيّة بهذه الذّمّة القاصرة الحائرة المربوبيّة.
فمنه له الحمد على ما منّ عليّ بفيض جوده وبسط عطائه ، فآتانى من الحكمة الحقّة النّقيّة المروّقة ما نساق إلى أن نأتمّ به ونصطفّ خلفه ـ عصابة أسلاف الحكماء السّابقين بعلومهم وإدراكاتهم وتنقاد إلى أن تختضع له وتطوف حوله أخلاف الشّركاء السّالفين بعقولهم وتعقّلاتهم. وصلوات اللّه وتسليماته على أكرم أرومات الإمكان وأشرف شعوبات الإنسان ، سيّدنا ونبيّنا وهادينا وسائقنا إلى مبدئنا ومعيدنا ، محمّد وأهل بيته الأطيبين الأنجبين المطهّرين الأطهرين. والملك والملكوت والظّلمات والنّور والخلق والأمر للّه ربّ العالمين.