الجزئيّات الواقعة تحت تلك الماهيّة إلى أمر ما ، فيصحّ الحكم الحاصر لها بالأمر الّذي ذلك اللاّزم سائق إليه ، فيكون الحكم لا محالة ضروريّا بحسب الوقت الّذي يحصل فيه ذلك الأمر، كالحركة السّماويّة للأفلاك والكواكب ، فإنّها لازمة سائقة كلّ كوكب إلى الشّروق والغروب فى وقت ما ، فيصحّ الحكم ، بأنّ كلّ كوكب يشرق أو يغرب فى ذلك الوقت ، فهذا حكم ضرورىّ غير دائم.
ثمّ هناك بحث على أهل صناعة الميزان ، حيث يقولون : الحكم بالدّوام على الكليّات لا يكون إلاّ مع الضّرورة ، وأمّا الحكم على الجزئيّات فقد ينفكّ عن الضّرورة» ؛ فإن عنوا بالضّرورة ما بالنظر إلى نفس ماهيّة الموضوع مع عزل النّظر عن الأسباب الخارجيّة فربما انسلخ الحكم على الكليّات عن الضّرورة ، وإن عنوا ما بحسب نفس الأمر فلا موجود من الجائزات إلاّ وهو واجب العليّة فى نفس الأمر ، فلا ينسلخ حكم عن الضّرورة أصلا ، لا على الكليّات ولا على الجزئيّات إلاّ أنّ المعتبر فى العلوم هو الحكم الضّرورىّ على الكليّات؛ لأنّ مراسيل العلوم البرهانيّة كليّات ومطلقاتها ضروريّات.
<٤٦> مسألة استبصاريّة
أما استوضعت فيما استوضعت من قبل ، فاتضح لك أنّ طباع الإمكان إنّما هو بالقياس إلى طباع التّقرّر والوجود على الإطلاق ، لا بالقياس إلى الخصوصيّات. فالممكن ما يجوز له بالنّظر إلى ذاته طبيعة التقرّر والوجود وطبيعة البطلان والعدم ، لا أنحاء التقرّرات ولا أنحاء الوجودات وأنحاء البطلانات والعدمات بخصوصيّاتها ، بل ربّما امتنع بعض الأنحاء بالخصوص ، كالبطلان قبل التّقرّر قبليّة زمانيّة ، والبطلان بعد التقرّر بعديّة زمانيّة ، بالنّظر إلى ماهيّة الزّمان. وكذلك التقرّر بعد البطلان بعديّة (١٢١) زمانيّة ، أو قبله قبليّة زمانيّة إلى نفس ماهيّة.
فإذن ، ليس يلزم للممكن أن يجوز له الأزليّة بالنّظر إلى طباع ذاته. وإنّما اللاّزم له أزليّة جواز مطلق التقرّر والبطلان بالنّسبة إلى ذاته بذاته ، وأزليّة الإمكان ليست