قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (٣٢).
«أنت» فيه وجهان :
أحدهما : أن تكون «أنت» مبتدأ ، و «العليم» خبره ، و «الحكيم» صفة له أو خبر بعد خبر ، والجملة من المبتدإ والخبر فى موضع رفع لأنّه خبر (إنّ).
والثانى : أن يكون «أنت» فصلا ولا موضع لها من الإعراب.
و «العليم» خبر (إنّ) ، و «الحكيم» صفة له ، أو خبر بعد خبر وأجريت (أنت) توكيدا للكاف المنصوبة بإنّ ، وإن لم يجز دخول (أنّ) على (أنت) كما تدخل على الكاف ، لأنّ (أنت) صارت تابعة وقد يكون للتابع ما ليس للمتبوع ، ألا ترى أنّك تقول : يا زيد والحارث ، ولا يجوز ، يا الحارث ، لأنّ الواو تابع ويا متبوع ، فكان للتابع ما ليس للمتبوع ، وكذلك جاز ، إنّك أنت ، ومررت بك أنت. وإن لم يجز ، إنّ أنت ، ولا مررت بأنت.
ولا يجوز فى هذا النحو أن تجمع بين ضميرين متواليين للتوكيد ، فلا يجوز أن يقال : أكرمتك أنت إيّاك ، كما لم يجمع فى التوكيد بين (إنّ) واللّام فى نحو ، إنّ لزيدا فى الدار. فإن لم يكونا متواليين كان جائزا ، كما إذا فصل فى التوكيد بين إنّ واللّام. كقولك : إنّ فى الدار لزيدا وقد أجاز سيبويه : أظنّه هو خيرا منه إيّاه. لوجود الفصل ، ولم يجز ، أظنّه هو إيّاه خيرا منه. لعدم الفصل ، وقد أجاز الخليل (١) الجمع بين الضميرين المتواليين إذا كانا بلفظين مختلفين ، كما إذا اختلف مذهب التأكيد والوصف.
__________________
(١) أبو عبد الرحمن ابن أحمد البصرى الفرهودى الأزدى. سيد أهل الأدب قاطبة فى علمه وزهده. صاحب معجم العين ، ومخترع علم العروض ت ١٦٠ ه.