وقوله : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) يعنى : العصا واليد وفلق البحر ، (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) : لم نستأصل عبدة العجل (١) (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) : حجّة بيّنة قوى بها على من ناوأه.
١٥٤ ـ قوله جلّ جلاله : (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ)(٢) مفسّر فى سورة البقرة إلى قوله : (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) : أى لا تعتدوا باقتناص (٣) السّمك فيه.
يقال : عدا عدوا وعدوّا (٤) وعداء وعدوانا ؛ أى ظلم وجاوز الحدّ.
وقرأ نافع : لا تعدوا (٥) ساكنة العين مشدّدة الدّال ، أراد : لا تعتدوا ، ثم أدغم التّاء فى الدّال لتقاربهما.
وروى ورش : لا تعدوا ـ بفتح العين ؛ وذلك أنّه لمّا أدغم التّاء نقل حركتها إلى العين.
وقوله : (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)
قال ابن عبّاس : عهدا مؤكّدا فى النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
١٥٥ ـ قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ)(٦).
«ما» ـ هاهنا ـ صلة مؤكّدة ، (٧) والآية ((٨) تفسيرها (٨)) ظاهر إلى قوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ).
يقال : طبع الله على قلب الكافر ؛ أى ختم عليه فلا يعى وعظا ، ولا يوفّق «لخير» (٩).
قال الزّجّاج : جعل الله مجازاتهم على كفرهم أن طبع على قلوبهم.
__________________
(١) : أى الذين خلفهم موسى مع هارون».
(٢) بقية الآية : (بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) ، وانظر معناها فيما سلف فى (الوسيط للواحدى ١ : ١١٣).
(٣) الاقتناص : القنص ؛ وهو الصيد : (اللسان ـ مادة : قنص).
(٤) الإثبات عن أ ، و (اللسان ـ مادة : عدا).
(٥) قال ابن مجاهد : «قرأ نافع : لا تعدوا بتسكين العين وتشديد الدال ، وروى عنه ورش : لا تعدوا بفتح العين وتشديد الدال ؛ وقرأ الباقون : لا تَعْدُوا خفيفة ساكنة العين» ، وانظر توجيه القراءات فى (إتحاف فضلا البشر ١٩٦) و (البحر المحيط ٣ : ٣٨٨).
(٦) بقية الآية : (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ).
(٧) «: أى فبنقضهم ، و «ما» زائدة للتوكيد» (الوجيز للواحدى ١ : ١٨٣) و (تفسير القرطبى ٦ : ٧).
(٨ ـ ٨) أ : «تفسيره».
(٩) ب : «للخير».