وقال الكلبىّ : أمنّيهم أنّه لا جنّة ولا نار ولا بعث.
وقال الزّجّاج : أجمع لهم مع الإضلال ؛ أن أوهمهم أنّهم ينالون من الآخرة حظّا.
وقوله : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ)(١).
«البتك» : القطع ، و «التّبتيك» : التّقطيع ، وهو فى هذا الموضع : قطع آذان البحيرة (٢) عن جميع أهل التّفسير.
وقوله : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ)
قال ابن عبّاس : يريد دين الله (٣) ، وهو قول مجاهد والحسن والضّحاك وقتادة والسّدّىّ وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير.
ومعنى «تغيير دين الله» : تبديل الحرام حلالا والحلال حراما ، وكلّ من ارتكب محظورا أو أتى منهيّا فقد غيّر دين الله.
(وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ) :
من يطعه فيما يدعوه إليه من الضّلالة (فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) : خسر الجنّة ونعيمها.
١٢٠ ـ قوله جلّ جلاله : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ)
معنى «وعد الشّيطان وتمنيته» : ما يصل إلى قلب الإنسان ، من نحو ما يعده من أنّه سيطول ((٤) عمرك (٤)) ، وتنال من الدّنيا ((٥) لذّتك (٥)) ، وتعلو على ((٦) أعدائك (٦)) ، وكلّ هذا غرور (٧) وتمنية ، وستهجم عن قريب على الأجل ؛ وقد
__________________
(١) حاشية ج ، و (البحر المحيط ٣ : ٣٥٣) «كانوا يشقون آذان الناقة إذا ولدت خمسة أبطن ، وجاء الخامس ذكرا ، ويحرمون [على أنفسهم] الانتفاع بها ، [قاله عكرمة وقتادة والسدى]».
(٢) أى البحائر ، وسيأتى تفسيرها فى سورة المائدة عند الآية : ١٠٣ ، إن شاء الله تعالى.
(٣) (الدر المنثور ٢ : ٦٩٠) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٦٨) و (البحر المحيط ٣ : ٣٥٣) وهو أولى الأقوال بالصواب عند الطبرى (٩ : ٢٢١ ـ ٢٢٢) ؛ وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه ؛ وهو قوله : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [سورة الروم : ٣٠] ؛ وإذا كان ذلك معناه ، دخل فى ذلك فعل كل ما نهى الله عنه ؛ من خصاء ما لا يجوز خصاؤه ، ووشم ما نهى عن وشمه ..».
(٤ ـ ٤) أ : «عمره».
(٥ ـ ٥) أ : «لذته».
(٦ ـ ٦) أ : «أعدائه».
(٧) حشاية ج : «أى باطل» ومعناه هنا : الخدع التى تظن نافعة ـ ويكشف الغيب أنها ضارة. (البحر المحيط ٣ : ٣٥٤).